تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[نسخ الأخبار التي تتغير، والجمع بين أقوال العلماء فيها.]

ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[27 - 03 - 09, 10:51 ص]ـ

وأما إن كان الخبر مما يتغير كإيمان زيد - مثلا - وكفره، ففيه أقوال كثيرة منها:

القول الأول - أنه لا يجوز نسخه، وهو الأصح في المذهب وعليه الأكثر.

وقال ابن مفلح: منعه جمهور الفقهاء والأصوليين، فمن أصحابنا ابن الأنباري، وابن الجوزي، والموفق، وجزم به في ' الروضة '. ومن الشافعية وغيرهم كالصيرفي، وأبي إسحاق المروزي، والباقلاني، والجبائي، وابنه أبي هاشم، وابن السمعاني، وابن الحاجب، قال الأصفهاني: هو الحق.

القول الثاني - يجوز نسخ ذلك:

وهو قول القاضي أبو يعلى، والفخر الرازي، وأبو عبد الله، وأبو الحسين البصريان، وعبد الجبار، ونسبه ابن برهان للمعظم. واختاره الشيخ تقي الدين.

قال أبو يعلى في "العدة" (3/ 825): (وإن كان مما يصح أن يتغير، ويقع على غير الوجه المخبر عنه، فإنه يصح نسخه كالخبر عن زيد بأنه مؤمن أو كافر، أو عبد أو فاسق، فهذا يجوز نسخه، فإذا أخبر عن زيد بأنه مؤمن، جاز أن يقول بعد ذلك: هو كافر. وكذلك يجوز أن يقول: الصلاة على المكلف في المستقبل، ثم يقول بعد مدة: ليس على المكلف فعل الصلاة؛ لأن نسخ ذلك لا يفضي إلى الكذب في الخبر؛ لأنه يجوز أن تتغير صفته من حال إلى حال، كما يجوز أن يتغير حكم المكلف عن العبادة من زمان إلى زمان) (1).

القول الثالث - التفصيل بين الخبر عن الماضي فيمتنع نسخه؛ لأنه يكون تكذيبا، دون المستقبل؛ لجريانه مجرى الأمر والنهي، فيجوز أن يرفع به، وهذا القول اختيار ابن عقيل، والخطابي، وابن القطان، وسليم الرازي، والبيضاوي في ' مختصره '.

وهذا التفصيل مبني على أن الكذب لا يكون في المستقبل، بل في الماضي، ومنصوص أحمد أنه يكون في المستقبل كالماضي.

@ وقد بين الرزكشي أن الخلاف في مسألة النسخ في الأخبار بين من جوزه ومن منعه يرجع إلى الخلاف في حد النسخ عنده.

فقال في "البحر المحيط" (3/ 177): (أن الخلاف مبني على تفسير النسخ وهل هو رفع أو بيان كما صرح به القاضي فقال ذهب كل من قال بأن النسخ بيان (2) وليس برفع حقيقي إلى جواز النسخ في الأخبار على هذا التأويل قال وأما نحن إذا صرنا إلى أنه رفع لثابت حقيقي وأن المبين ليس بنسخ أصلا فلا نقول على هذا بنسخ الأخبار لأن في تجويزه حينئذ تجويز الخلف في خبر الله وهو باطل وهذا بخلاف تجويز النسخ في الأوامر والنواهي لأنه لا يدخلها صدق ولا كذب. اهـ، ومن هذا يعلم أن من وافق القاضي في تفسيره بالرفع وقال بتجويز النسخ في الأخبار فلم يتحقق ولم يقف الهندي على كلام القاضي فقال لا يتجه الخلاف إن فسرنا النسخ بالرفع لأن نسخه حينئذ يستلزم الكذب وإنما يتم إذا فسرناه بالانتهاء فإنه لا يمتنع حينئذ أن يراد من الدليل على ثبوت الحكم في كل الأزمنة لا بعضها).اهـ

@ والذي أراه في هذه المسألة أن كلا القولين بالمنع والجواز لم يتواردا على محل واحد وأن الخلاف بينهما خلافا لفظيا، فمن قال بالمنع نظر للخبر قبل وقوعه، ومن قال بالجواز نظر إليه بعد وقوعه.

وعليه فلا بد من تقييد إطلاق كلا القولين، فمن قال بالمنع يقيد قوله بأن يكون الرفع قبل وقوع الخبر، ومن قال بالجواز يقيد قوله بأن يكون البيان بعد وقوع الخبر على نحو ما أُخبر به.

ولنتوقف مع ما مثلوا به عن الخبر الذي يقبل التغيير من إيمان زيد، فلو أخبر الشارع بإيمان زيد فهو لا محالة واقع وصدق، والقول بجواز نسخ هذا الخبر يحتمل أحد أمرين أن ينسخ قبل وقوعه، أو بعد وقوعه، فإن كان الأول لزم تكذيب الخبر ويمتنع نسخه على كلا القولين، وإن كان بعد وقوعه فلا مانع من نسخه، على كلا القولين.


(1) انظر المسودة (ص/177).
(2) وقد عرف القاضي النسخ في "العدة" (1/ 155) بقوله: (وأما النسخ فحده: بيان انقضاء مدة العبادة التي ظاهرها الإطلاق. وإن شئت قلت: بيان ما لم يرد باللفظ العام في الأزمان ... ).

ـ[أبو المنذر المنياوي]ــــــــ[28 - 03 - 09, 02:53 م]ـ
ما رأي الإخوة الأفاضل في هذا التوفيق بين القولين؟

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير