تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيفية نزول القرآن الكريم]

ـ[بن عفان]ــــــــ[16 - 05 - 08, 03:50 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله

ـــــــ

القرآن الكريم نعمة السماء إلى الأرض، وحلقة الوصل بين العباد وخالقهم، نزل به الروح الأمين، على قلب رسوله الكريم بالحق ليكون للعالمين نذيراً، وهادياً ونصيراً، قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} (النساء: 174).

وكيفية نزول القرآن على خير خلق الله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الأمور التي تستوقف المؤمن وتلح عليه بالسؤال، كيف نزل القرآن الكريم، وما هي المراحل التي استغرقها نزوله، وهل نزل جملة واحدة، على قلب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم نزل على فترات متباعدة. في هذا المقال نحاول أن نتلمس الإجابة عما أثرناه من أسئلة، فنقول:

الذي عليه أهل العلم أن القرآن الكريم نزل من عند الله سبحانه وتعالى على قلب رسوله على فترات متقطعة، ولم ينزل عليه جملة واحدة. وقد كان كفار قريش يتشوفون إلى نزوله جملة واحدة، كما أخبر عنهم الله تعالى، فقال: {وقال الذين كفروا لولا نزِّل عليه القرآن جملة واحدة} (الفرقان:32) إلا أن الله سبحانه - وهو أعلم بما هو أوفق لرسالته وأصلح لعباده - أراد أن ينزل القرآن مفرقاً؛ وذلك لحِكَم متعددة، منها ما ذكره سبحانه في الآية نفسها، فقال: {كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً} (الفرقان:32) فتثبيت قلب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان حكمة بالغة من الحِكَم الذي نزل لأجلها القرآن مفرقاً.

ومن الآيات التي تبين أن القرآن نزل على نبينا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مفرقاً - إضافة للآية السابقة - قوله تعالى: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} (الإسراء:106) وفي هذه الآية حكمة أخرى من نزول القرآن مفرقاً، وهي نزوله على تمهل؛ ليكون ذلك أدعى إلى فهم من يسمعه ويستمع إليه.

أما عن القدر الذي كان ينزل من القرآن على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالصحيح الذي دلت عليه الأحاديث أنه كان ينزل على حسب الحاجة أو الواقعة، فقد كان ينزل عليه خمس آيات أو عشر أو أكثر من ذلك أو أقل، وربما نزل عليه آية واحدة أو بعض آية. وقد صح في الحديث المتفق عليه نزول آيات قصة الإفك جملة واحدة، وهي عشر آيات من قوله تعالى: {إن الذين جاؤوا بالإفك} إلى قوله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمة وأن الله رؤوف رحيم} (النور:11 - 20).

وصح في الحديث نزول بعض آية عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كما ثبت في الصحيح من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: لما نزل قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} (النساء:95) دعا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زيداً فكبتها، فجاء ابن أم كلثوم فشكا ضرارته، فأنزل الله: {غير أولي الضرر} (النساء:95) رواه البخاري.

أما عن كيفيات نزول الوحي عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقد ذكر العلماء لذلك عدة كيفيات، نذكر منها ما يلي:

- أن يأتيه الوحي مثل صلصلة الجرس وهو أشد ما يكون عليه، كما ثبت عند البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي، فقال: (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال) قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وإن جبينه ليتفصد عرقاً. و"الصلصلة" كل صوت له طنين، وقوله "فيفصم" أي يُقلع وينجلي.

- وقد يأتيه الوحي بصورة رجل يلقي إليه كلام الله، كما في الحديث السابق عند البخاري، وقد سئل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن كيفية الوحي، فقال: (وأحيانا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول) فإن المَلَك قد تمثل رجلاً في صور كثيرة، ولم ينفلت منه ما أتاه به، كما في قصة مجيئه في صورة دُحية الكلبي وفي صورة أعرابي، وغير ذلك من الصور، وكلها ثابتة في الصحيح.

- وقد يأتيه الوحي بطريق كلام الله في اليقظة، كما في حديث الإسراء الطويل، الذي رواه البخاري في "صحيحه" وفيه: (فلما جاوزتُ نادى منادٍ: أمضيتُ فريضتي وخففتُ عن عبادي).

والأمر المهم في هذا السياق، الذي يجب اعتقاده والإيمان به، أن جبريل عليه السلام نزل بألفاظ القرآن المعجزة من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس، وأن تلك الألفاظ هي كلام الله سبحانه، لا مدخل لجبريل ولا لنبينا في إنشائها ولا في ترتيبها، بل هي كما أخبرنا الله عنها بقوله: {كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير} (هود:1) فالألفاظ القرآنية المقروءة والمكتوبة هي من عند الله سبحانه، ليس لجبريل فيها سوى نقلها لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وليس للرسول فيها سوى وعيها وحفظها وتبليغها ثم بيانها والعمل بها، قال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} (الشعراء:192 - 194) فالمتكلم هو الله، والناقل هو جبريل، والمتلقي هو رسول رب العالمين، ومن اعتقد غير ذلك، فقد ضل سواء السبيل، نسأله تعالى العصمة والثبات على الحق والاعتصام بكتابه المبين ورسوله الكريم.

http://www.al7ekma.info/vb/showthread.php?p=36#post36

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير