1 ـبنسخ وجوب الصدقة بين يدي مناجاة الرسول صلى الله عليه و سلم، فلقد كان المؤمنون مأمورين أولا ألا يخاطِبَ الرسولَ أحدٌ منهم إلا إذا قدم صدقة، ثم نسخ بعد هذا، فيكون ها النسخ إلى غير بدل.
2 ـوكذلك مثال آخر:
نسخُ وجوب اللزوم للصائم إذا نام، فلقد كان الأمر أول ما نزل الصيام أن الانسان إذا نام امتنع عن الأكل إلى أن تغرب الشمس من اليوم التالي، ثم نسخ هذا.
و هل نسخ إلى بدل أم إلى غير بدل؟
يعني: هل نسخ على أن يفعلوا كذا بدله، أو نسخ تخفيفا، و حلَّ الحكمُ الخفيفُ؟
الجواب: الثاني.
إذا فالمثال الذي لا يرد عليه شيء هو نسخ وجوب تقديم الصدقة بين يدي الرسول صلى الله عليه و سلم.
الفائدة 241
الثاني: إلى بدل.
و اعلم أن البدل قد يكون أخف أو أثقل أو مساويا.
مثالُ الأخف:
آية المصابرة، كان الواجب أولا أن العشرين يغلبون مائتين ـ يعني: الرجل عن عشرة ـ ثم نسخ إلى أن المائتين يغلبون اربعمائة.
مثال أن يكون البدل أثقل:
أول ما فرض الصيام كان الانسان خيرا بين أن يصوم أو يعم عن كل يوم مسكينا، ثم تعين الصيام، أيهما أثقل على الانسان؟ الثاني!!
ليش؟؟
لأن التخيير أوسع للانسان من التعيين.
مثال أن يكون البدل مساويا:
كان الواجب أولا أن يستقبل الانسان بيت المقدس في الصلاة، ثم نسخ إلى استقبال الكعبة، أيهما أهون؟؟ كلاهما واحد، الانسان واقف، سواء اتجه إلى كذا، أو إلى كذا، أو إلى كذا، كله واحد بالنسبة للمكلف، ليس فيه فرق أن هذا أثقل أو أخف.
الفائدة 242
فإذا قال قائل: بينوا ما هي الحكمة فيما إذا نسخ الشيء من شيء أخف إلى أثقل؟
نقول: الحكمة أمران:
الأول: ابتلاء الناس بالقبول و عدمه، هل الانسان يقول: أنا لا أنتقل من الخفيف إلى الأثقل، و إذا كان الأمر إلى خفيف أهلا و سهلا، و إذا كان إلى غير خفيف لا، و هذا فيه امتحان.
الثاني:بيان حكمة الله في التدرج في التشريع أنه يقابل الناس بالأهون حتى تستقبل نفوسهم الحكم الثاني بكل سهولة.
الفائدة 243
و إذا قال قائل: ما الحكمة في نسخه من الأثقل إلى الأخف؟
نقول: الحكمة ظاهرة، و هي:
1 ـ التخفيف على العباد.
2 ـ بيان رحمة الله عز و جل بعباده حيث خفف عن العباد.
الفائدة 244
و إذا قلت: ما الفائدة من النسخ إلى مساو؟
نقول: هذا لا يمكن أن يقع مع التساوي من كل وجه، لكنه باعتبار فعل المكلف صحيح، أما باعتبار الحكم فلا، و الحكمة أن بيت الله الحرام أولى أن يستقبل من بيت المقدس، على أن شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة، و إن جميع الأنبياء قبلتهم هي الكعبة، لكن استقبال بيت المقدس من تصرف أحفاد اليهود أو النصارى.
إذا نقول: إن هذا النسخ إلى بدل مماثل، هذا باعتبار المكلف، لكن بالنسبة للحكم، فلا بد أن يكون المنسوخ إليه أولى بالحكم من المنسوخ، لا شك في هذا.
و يقال: إن الرسول صلى الله عليه و سلم استقبل بيت المقدس لما وصل إلى المدينة، تأليفا لليهود، و كان أول ما قدم المدينة يحب موافقة اليهود فيما لم ينه عنه
ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[19 - 10 - 09, 08:33 م]ـ
الفائدة 245
... و لما ذكر المؤلف رحمه الله النسخَ و أقسامه، و أنه جائز عقلا، و واقع شرعا ذكر بماذا يكون النسخُ فقال:
119 ـ ثم الكتاب بالكتاب ينسخُ ... كسنة بسنة فتُنْسَخُ
يعني: نسخُ القرآن بالقرآن، فهذا ثابت، و منه قوله تعالى تبارك و تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين و إن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قومٌ لا يفقهون (65) الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين و إن يكن منكم ألفٌ يغلبوا ألفين بإذن الله و الله مع الصابرين)
الأنفال: 65ـ66.
فهذا نسخ قرآن بقرآن، و هذا واضح.
الفائدة 246
و قوله رحمه الله: كسنة بسنة فتنسخ.
يعني رحمه الله:
كما تنسخ السنة بالسنة، و هذا أيضا ظاهر، و مثاله قوله صلى الله عليه و سلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها).
الفائدة 247
ثم قال رحمه الله:
120 ـ و لم يجز أن ينسخ الكتابُ ... بسنة بل عكسه صوابُ
¥