لا نسلِّم أنه تحكم محض بل تخصيصٌ؛ لزيادة ملائمته للمعنى اللغوي، وهذا لأن ما عُلم تقديره قد قُطع بوجود مسمى الفرض فيه، وهو مخصوصٌ به لا يوجد في الواجب ـ إذ هو غيرُ معلومِ التقدير ـ فخُصَّ باسم ما قطع بوجود مسماه فيه؛ تمييزاً له عما يشاركه في مطلق التقدير، وفي مطلق وجوب العمل به، وأما الواجب فلم يتحقق فيه إلا وجوب العمل به ـ دون العلم المقطوع به ـ فخصَّ باسم ما تحقق مسماه فيه ـ وهو السقوط ـ إذ لم يُعلم منه إلا كونه واجب العمل) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn17)2( .
2. الدليل الثاني: إن عدم اعتبار هذا الفرق عن طريق التفصيل في التسمية، ونسبةِ الأحكام إليهما، يكون حطَّاً للدليل القاطع إلى رتبة المظنون من جهة، ورفعاً للمظنون إلى رتبة المقطوع من جهة أخرى، قال البزدوي (فمَن رد خبر الواحد فقد ضل سواء السبيل، ومن سوَّاه بالكتاب والسنة المتواترة؛ فقد أخطأ في رفعه عن منزلته، و وضَع الأعلى عن منزله)) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn18)3( .
3. الدليل الثالث: إن اختلاف إطلاق هذين المصطلحين؛ إنما هو من قبيل أن الفرض هو الذي يُعلم من حاله أن الله قدَّره علينا، والواجب لا نعلم أن الله قدره علينا، قاله أبو زيد الدبوسي) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn19)4(.
# مناقشة هذا الدليل:
إن هذا التفريق ضعيفٌ بناءاً على هذا الدليل، وذلك لأن الفرض هو المقدَّر، لا أنه ثبت كونه مقدراً علماً أو ظناً، كما أن الواجب هو الساقط، لا أنه الذي ثبت كونه ساقطاً علماً أو ظنا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn20)1( .
4. الدليل الرابع: أن هناك فرقاً بين الفرض والواجب في عادة جمهور الناس، فيقولون مثلاً (أوجبت على نفسي) لا (فرضت على نفسي)، وأيضا (الطلاق واجب عليَّ) لا (الطلاق فرض عليَّ).
# مناقشة الدليل:
هذه التفرقةُ العُرفية ليس فيها نفيٌ للترادف، لأن العُرفَ اقتضى ذلك، وهو أمرٌ خارج عن مفهوم اللغة المهجور.
بل وقد خُصَّ هذا العُرف بأهل العراق فقط، دون غيرِهِم، وبهذا أجاب أصحابُ أبي حنيفة رحمه الله تعالى عن أصحابهم، الذين استدلوا بهذا الدليل) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn21)2( .
.. أثر هذا التفريق عند الحنفية:
v أن حكم الفرض لازمٌ: علماً، وتصديقاً بالقلب، وعملاً بالبدن.
وأنه من أركان الشرائع، ويكفر جاحد الفرض، ويفسق تاركه بلا عذر.
v والواجب: لازم عملاً بالبدن؛ لا تصديقاً، ولا يكفر جاحده، ويفَّق تاركه ما لم يكن متأولاً) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftn22)3( .
.. الراجح:
هو قول الحنفية بالتفريق بين " الفرض " و " الواجب " وذلك لقوة أدلتهم، وضعف المناقشة التي وجِّهت إلى أدلتهم ـ مع رجاحة بعضها ـ، ولضرورة تمييز الأحكام الشرعية على المكلفين من حيث اللازم و الألزم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref1) بحث قصير كتبه / محمد بن علي البيشي، ماجستير المعهد العالي للقضاء.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref2)1( لسان العرب 1/ 793ـ794، القاموس المحيط 1/ 136.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref3)2( نثر الورود على مراقي السعود لمحمد الأمين الشنقيطي 53، الإحكام للآمدي 1/ 99.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref4)3( مختصر الطوفي 1/ 274، الواضح لابن عقيل 1/، 125، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام 63. .
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref5)4( روضة الناظر 1/ 37.
) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=60#_ftnref6)5( الإحكام 1/ 99.
¥