[تطبيق أصولي في شرح حديث عثمان بن أبي العاص: (اجلعني إمام قومي)]
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[15 - 04 - 09, 01:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فهذا شرح أصولي تطبيقي لحديث عثمان بن أبي العاص ألقاه فضيلة الشيخ جلال بن علي السلمي فقمت بتسجيل الدرس وتفريغه رجاء عموم النفع والفائدة. وكنت قد ميزت القواعد الأصولية بالحمرة ولكني لما نسختها من الوورد إلى المنتدى لم تظهر، فأرفقت ملف الوود وهو أحسن تنسيقا مما هنا. والخط المستعمل في الكتابة هو لوتس.
ملاحظة: بعض المواضع لم تتضع لضعف الصوت فوضعت مكانها نقاطا هكذا ....
قال حفظه الله:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جاء عند الخمسة من حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنه أنه جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي. قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا».
فنتكلم في هذه الليلة إن شاء الله تعالى عما يتعلق بهذا الحديث من ناحية اجتهادية أصولية، ونبتدئ أولا بما يتعلق بتثبيت الخبر فالقاعدة: (أن الدلالة فرع الثبوت) ومن ثم لا يصح أن يستدل بالحديث غير الثابت، فالقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن الأحاديث الضعيفة ليست حجة في إثبات الأحكام).
هذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد كلهم من طريق حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف عن عثمان بن أبي العاص به. والحديث بهذا الإسناد حديث صحيح رجاله ثقات وإسناده متصل، وفي إسناده الجريري وهو سعيد بن إياس، وهو مختلط والقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن حديث المختلط الثقة – بهذا القيد، أما المخلتط الضعيف فحديثه لا يقبل جملة وتفصيلا- فيه تفصيل)؛ الحديث المروي عنه قبل الاختلاط مقبول ويحتج به في إثبات الأحكام وأما حديث من روى عنه بعد الاختلاط فليس الأمر كذلك، وذلك لأن الاختلاط نوع من سوء الحفظ، والقاعدة في الأصول: (أن سوء حفظ الراوي مما يوجب ضعف الحديث). والراوي عن سعيد الجريري هنا هو حماد وقد روى عنه قبل الاختلاط كما نص على ذلك غير واحد من الأئمة.
والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه بإسناد ومتن مختلفين، أخرجاه من طريق أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص بلفظ إن آخر ما عهد إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن أتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا. والحديث في إسناده أشعث، وقد اختلف في تعيينه لأنه ورد في الإسناد غيرَ منسوب؛ فقيل إنه أشعث بن سوار الكندي وهو ممن يروي عن الحسن، وقيل إنه أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو ممن يروي عن الحسن أيضا، والاختلاف في هذا الراوي غير المنسوب اختلاف مؤثر لأن أحدهما ضعيف هو أشعث بن سوار الكندي ضعفه أحمد والنسائي، والآخر ثقة وهو أشعث بن عبد الملك الحمراني وهو ثقة ثبت، وبناء على ذلك فيتوقف الحكم بصحة الحديث على معرفة نسبة ذلك الراوي غير المنسوب. وقد جزم ابن عبد الهادي في التنقيح بالأول () ولا أعرف له في ذلك دليلا بينا، والصحيح أنه الثاني وهو أشعث بن عبد الملك الحمراني، والدليل على ذلك أن أبا محمد بن حزم رحمه الله في كتابه المحلى بالآثار أخرج هذا الحديث من طريق ابن أبي شيبة وفيه التصريح بنسبة أشعث بن عبد الملك الحمراني، ومن ثم فالحديث ثابت وصحيح بالطريقين.
بعد ذلك ننتقل إلى فقه الخبر ودلالته فنقول:
* في الحديث دليل على جواز طلب الإمامة في الصلاة، ومأخذ الحكم من الحديث من قوله: اجعلني إمام قومي، فهذا فعل من الصحابي بمحضر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسكت عنه ولم ينكر عليه فصدق عليه حد الإقرار والقاعدة في الأصول: (أن إقرار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يدل على رفع الحرج والجواز)، وهذا تقرير الجواز في حق المقَر وهو عثمان بن أبي العاص، وأما تقريره في حق غيره فيقال فيه إذا ثبت الجواز في حق عثمان بن أبي العاص فالقاعدة عند العلماء في الأصول: (أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها ما لم يقم دليل على خلاف ذلك)
¥