تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تطبيق أصولي على حديث (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)]

ـ[أبو المقداد]ــــــــ[16 - 04 - 09, 07:06 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

النص:

عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)

التطبيق:

_البحث في ثبوت الخبر: القاعدة في الأصول (أن الأخبار الآحادية يجب البحث في ثبوتها أولا قبل البحث في دلالتها)، وذلك لأن الدلالة فرع الثبوت، وتثبيتها يكون من خلال سبر إسنادها وتحقق شروط القبول فيه،

ويشترط لقبول الخبر شرطان: قبول الرواة، واتصال الاسناد،

وفي الحقيقة أن الشرط الثاني راجع للأول لأن السبب الحامل على اشتراطه هو عدم العلم بتحقق الأول، والراوي المقبول: هو العدل الضابط، ومن ليس كذلك فخبره ضعيف، والقاعدة في الأصول (أن الأحاديث الضعيفة ليست حجة في اثبات الأحكام) إذا تقرر ذلك فإنه يتعين قبل البحث في دلالة هذا الحديث أن يبحث في اسناده لنعرف هل هو ثابت أم لا؟

فأقول:

حديث أبي سعيد أخرجه الشيخان كلاهما من طريق مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، ورجاله ثقات واسناده متصل

فتحقق بذلك شرط القبول، واختلف على ابن شهاب في إسناده فراوه عبد الرحمن بن إسحاق العامري عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة أخرجه النسائي وابن ماجه، قلت: هذا الاختلاف لا يقدح في اسناده لتحقق شروط القبول فيه، لاسيما وأن الزهري أحد الأئمة الكبار المعروفين بسعة الرواية، فلا يمتنع ثبوته على الوجهين، واختلف فيه أيضا على مالك، فرواه يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أخرجه مسدد في مسنده، وقال الدارقطني في العلل بأنه خطأ، قلت: وعلى فرض صوابه فيقال فيه مثل ماقيل في سابقه. وقوله في الحديث (¤المؤذن¤) ادعى ابن وضاح أن لفظة المؤذن مدرجة في الحديث، ويجاب عن هذا: بأن الادراج لا يثبت بمجرد الدعوى، واتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على اثباتها.

إذا تقرر ثبوت الخبر فهذا أوان البحث في دلالته.

_استدل بالحديث على وجوب إجابة المؤذن في الأذان (مذهب الحنفية والظاهرية)،

ومأخذ الحكم من الحديث من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول [أن الأمرالمطلق للوجوب]، وذهب الجمهور إلى أن إجابة المؤذن مستحبة وليست واجبة،

واعترض عليهم بـ: أن هذا تأويل (أي القول بالاستحباب) والتأويل على خلاف الظاهر، والقاعدة في الأصول (يجب العمل بالألفاظ على ظاهرها حتى يأتي مايصرفها)،

فأجابوا: بأنه قد جاء ما يصرف الأمر عن ظاهره وهو الوجوب إلى الاستحباب، وهو حديث أنس في صحيح مسلم وفيه

(أن النبي صلى الله عليه وسلم لماسمع الرجل قال الله أكبرقال: على الفطرة، فلماتشهدقال خرجت من النار)،

ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لم يقل مثل مايقول المؤذن، والقاعدة في الأصول [أن فعل النبي يدل على الجواز]، والواجب لايجوز تركه،

النتيجة: إجابةالمؤذن مستحبة،

وأجاب من قال بالوجوب بأن هذا الحديث ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل مثل ما يقول المؤذن، فيحتمل أنه قاله ولم ينقله الراوي اكتفاءا بالعادة، ونقل الزائد، والقاعدة في الأصول [إذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال] قلت: ومن ثم لا يصح التأويل فيرجع إلى الظاهر،

واستعمل بعضهم الفرض الجدلي (أي على فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك ذلك) فالاحتمال المسقط للاستدلال قائم، فيحتمل أن الأمر بالإجابة حصل بعد هذا الترك وفيه بحث أصولي:

أيهما يقدم عند التعارض الاحكام أي عدم النسخ أم إبقاءالأمر على ظاهره؟

_وفي الحديث تحريم الاشتغال بمايشغل عن إجابة المؤذن، ومأخذ الحكم من قوله (فقولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (الأمر بالشئ نهي عن ضده)، والقاعدة في الأصول (النهي المطلق للتحريم)، والقاعدة في الأصول (أن وسيلة المحرم محرمة).

_وفي الحديث وجوب إجابة المؤذن على الفور، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر يقتضي الفور).

_وفي الحديث أنه يجب إجابة المؤذن عند سماعه مرة واحدة، ومأخذ الحكم من قوله (قولوا) فهذا أمر، والقاعدة في الأصول (أن الأمر المطلق لطلب الماهية، وهذا يحصل بالمرة، والأصل عدم وجوب الزيادة عليها استصحابا لأصل براءة الذمة)،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير