بقي معنا الإشارة، هل للفعل مفهوم؟ يعني هل له مفهوم؟ طبعا المنطوق اللفظي له مفهوم، لكن هل الفعل له مفهوم؟ قالوا: نعم، له مفهوم، كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل مسجد فرأى نخامة فحكها فمفهومه أن ما كان أعلى، يعني أشد قذرا من النخامة أنه يزال، مفهوم موافقة، فما كان مثل النخامة وما كان أعلى من النخامة من باب أولى، هذا مفهوم واضح.
طيب، مفهوم المخالفة هل له مفهوم مخالفة؟ نقول إذا كان دل على الإباحة فليس له مفهوم مخالفة، أما إذا كان بيانا لمجمل فيكون له مفهوم مخالفة إذا كان بيان لمجمل؛ لأن مفهوم المخالفة إنما يأتي من ماذا؟ من تخصيص الحكم بتلك الحالة، إذا خصصنا الحكم بتلك الحالة لازم يأتي مفهوم المخالفة، فنقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إن في قطع يد السارق قطع يد السارق من المفصل، هذا فعل، بيان لمجمل، فمفهومه أنه لا يجوز من غير هذا الموضع، واضح وللا غير واضح؟ يعني مفهومه أنه لا يجوز من غير هذا الموضع؛ لأنه هو فعل، لكن له مفهوم؛ لأن هذا الفعل هو بيانا لمجمل.
وكذلك أيضا إذا كان أخذ حكم الندب فعله، فمفهومه يكون خلاف الأولى كما مر معنا، مفهومه بخلاف الأولى على القول بمشروعية تخليل الأصابع في الوضوء، على القول بفتح الأصابع في الوضوء، فإذا قلنا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يخلل بين أصابعه في الوضوء وأنه سنة التخليل، فيكون تركه مفهومه تركه خلاف الأولى، فإذا معناها أن ما كان للإباحة ليس له مفهوم، فإذا قلنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل اللحم على طريق الإباحة، لا يُفهم منه أنه غير الأكل، أن غير اللحم لا يجوز أكله، لا، ما يفهم هذا.
فإذا خلاصة الكلام في هذا المفهوم أنه مفهوم الموافقة نعم، إذا اشتركا مثلا في العلة يكون مفهوم موافقة، نعم، مفهوم المخالفة، إن كان بيانا لمجمل فله مفهوم مخالفة، إن أخذ حكم الندب أيضا له مفهوم مخالفة، إن كان مباحا ليس له مفهوم مخالفة، هذا تفصيل الكلام في هذه المسألة.
نعم يا شيخ ..
فإن دلّ على الاختصاص به يُحْمَل على الاختصاص، كزيادته -صلى الله عليه وسلم- في النكاح على أربع نسوة، وإن لم يدل لا يختص به؛ لأن الله تعالى قال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا في حقه وحقنا؛ لأنه الأحوط، ومن بعض أصحابنا من قال: يحمل على الندب؛ لأنه المتحقق بعد الطلب، ومنهم من قال: يتوقف فيه لتعارض الأدلة فيه -نعم- وإن كان على وجه غير وجه القربة والطاعة فيحمل على الإباحة - نعم - في حقه وحقنا.
يعني إذا كان على غير وجه القربة والطاعة يحمل على الإباحة كما مر في حديث عبد الله بن حنين، غسل المحرم رأسه، هذا على الإباحة، وكونه يعني أكل بعض المأكولات، هذا على الإباحة.
نعم يا شيخ ..
إقرار النبي صلى الله عليه وسلم
وإقرار صاحب الشريعة -صلى الله عليه وسلم- ـ على القول من أحد هو قول صاحب الشريعة، أي كقوله -صلى الله عليه وسلم- وإقراره على الفعل من أحد كفعله؛ لأنه معصوم عن أن يقر أحدا على منكر، مثال ذلك إقراره -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر على قوله: بإعطاء سلب القتيل لقاتله.
هذا مسألة الإقرار أو التقرير، تعريف الإقرار اصطلاحا سكوت النبي صلى الله عليه وسلم، سكوت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إنكار قول قيل بين يديه أو في عصره، أو عن إنكار فِعْل فُعِلَ بين يديه أو في عصره، فسكوته -صلى الله عليه وسلم- يدل على جواز مثل هذا الفعل، يدل على الإباحة، ومن الأمثلة المشهورة على هذا قصة أكل الضب على مائدته -صلى الله عليه وسلم- لما أكله خالد بن الوليد -رضي الله عنه- والنبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر، فدل على جواز أكل الضب، هذا من باب الإقرار، والإقرار على قول سيرد مثاله.
نعم يا شيخ .. وإقراره على الفعل ..
وإقراره على الفعل من أحد كفعله؛ لأنه معصوم عن أن يقر أحدا على منكر، مثال ذلك إقراره -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر على قوله: بإعطاء سلب القتيل لقاتله.
¥