والطرف الآخر يقولون: لا، هي معرفة وهي علامة، وهي أمارة بمعنى أنها كأن شرط أن إذا رأيتم الإسكار فاعلموا أن هذا حرام، تكون علامة على الحكم، والقول الأول اللي ذكرناه لكم يقول: إذا رأيتم الإسكار فاعلموا أنه هو السبب في التحريم، هو الجالب وهو الباعث وهو المستدعي وهو المقتضي وهو الباعث، هذه كلها.
وبالأول قال المعتزلة، وبالثاني قال الأشاعرة، الأشاعرة يقولون: معرفة، وجاء هذا من مسألة السبب عندهم يقولون: إن السبب عندهم ما يحصل الحكم عنده لا به، فيقولون: يحصل التحريم عنده، لكن ليس بسببه، فيحصل التحريم عند الإسكار لكن ليس بسببه.
لكن مذهب أهل السنة وسط بين الأمرين فيقولون: هي باعثة صحيح، وهي مستدعية صحيح، وهي جالبة صحيح، وهي في نفس الوقت علامة وأمارة، شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول كلا الأمرين يقول يطلق عليها بأنها باعثة ومستدعية وجالبة وعلامة وأمارة كلاها صحيح، لكن من قال: إنها باعثة فقط وليست علامة يخطأ، ومن قال: إنها علامة وليست باعثة أيضا يخطأ، من اقتصر على قول فقط، نعم. أحسن الله إليك.
بقي معنا -أيها الأخوة- حينما قلنا العلة وصف ظاهر منضبط لا بد أن تكون وصفا ظاهرا، بقي معنا الإشارة، هل يجوز التعليل بالعلة الغيبية؟ هي -تعليل الأحكام- تعلل بعلة ظاهرة، لكن هل يجوز التعليل بالعلة الغيبية أم لا يجوز؟ خلاف بين أهل العلم، وبنوا عليه مسألة: ماذا يُفعل بالمحرِم إذا مات، إذا توفي؟ في الحديث: أن أعرابيا وقصته راحلته، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: غسلوه وجنبوه السدر والطيب، ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا لاحظوا معي السياق: فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا عبارة: فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا هذه تعليل؛ لأن ما جاء بعد إن يكون علة لما قبله مثل: إنها من الطوافين عليكم والطوافات إنكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم هذه كل ما بعدها علة.
فهذه العلة لا تدرك إلا بوحي، يقول: هذه علة غيبية لا تدرك إلا بوحي، فالمالكية يقولون ما يصح التعليل علة غيبية، ولهذا يقولون: إن هذه الحالة هي خاصة بالأعرابي، ولا يشترك معه من مات وهو محرم؛ لأن هذه خاصة بالأعرابي والتعليل إنما يكون بعلة ظاهرة وهذه علة غيبية.
ومثل أيضا كراهية الصلاة في الوادي: إن هذا وادٍ به شيطان بنص الحديث فقالوا: لها تعليل غيبي، ليس كل وادٍ به شيطان من قال: إنه -يعني- لا يجوز التعليل بالعلة الغيبية، ومن قال: إنها يجوز التعليل بها طرد الحكم، يعني: استمر على الحكم، فقال: كل وادٍ يكره الصلاة فيه، نعم يا شيخ. أحسن الله إليك.
وقياس الدلالة، وهو الاستدلال بأحد النظرين على الآخر - بأحد النظيرين- وقياس الدلالة وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم، ولا تكون موجبة للحكم، كقياس مال الصبي على مال البالغ في وجوب الزكاة فيه بجامع أنه مال نامٍ.
في مسألة كون العلة أو باعثة، لو لاحظتم ابن قدامة -رحمه الله- في مبحث القياس أحيانا تأتي عبارات على أن العلة موجبة، وتأتي عبارات تدل على أن العلة علامة وأمارة، فكأنه -رحمه الله- يرى أنه لا حرج إطلاقا، لكن أحيانا عند المتأمل والمدقق في عبارة ابن قدامة -رحمه الله- يلاحظ فيه أنه أحيانا يقول: باعثة، وأحيانا يقول: علامة وأمارة، نعم يا شيخ وقياس الدلالة ...
قياس الدلالة
وقياس الدلالة وهو الاستدلال بأحد النظيرين على الآخر، وهو أن تكون العلة دالة على الحكم ولا تكون موجبة للحكم، كقياس مال الصبي على مال البالغ في موجب الزكاة فيه، بجامع أنه مال نامٍ، ويجوز أن يقال: لا تجب في مال الصبي كما قال به أبو حنيفة.
¥