تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل الإجماع يخصص القرآن و السنة بذاته أم بدليله؟]

ـ[أبو همام عبد الحميد الجزائري]ــــــــ[12 - 08 - 09, 05:13 م]ـ

لحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ...

أولا جزاك الله كل خير أخي أبا بكر التونسي، فلقد حفزتني و شجعتني لأبحث في مسألة القول بتخصيص القرآن و السنة بالإجماع، و قد جمعت لكم هنا نقولات طيبة في المسألة من عدة كتب، كما أنني سألت أحد مشايخ الجزائر الفضلاء و هو متخرج من الجامعة الاسلامية بالمدينة ....

أولا:

أما الكتب فهي:

ـ إرشاد الفحول للمحقق الشوكاني

ـ مذكرة الامام الشنقيطي في أصول الفقه،

ـ تيسير الوصول إلى قواعد الأصول و معاقد الفصول للشيخ عبد الله الفوزان،

ـ الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول للشيخ محمد علي فركوس و أصل الكتاب للإمام القسنطيني الجزائري عبد الحميد بن باديس رحمه الله.

1ـ يقول الشوكاني رحمه الله في الباب الرابع (الخاص و التخصيص و الخصوص) في المسألة الخامسة و العشرين:

(في التخصيص بالإجماع قال الآمدي: لا أعرف فيه خلافا،و كذلك حكى الإجماع على جواز التخصيص بالإجماع الأستاذُ أبو منصور، قال: و معناه أن يعلم بالإجماع لا بنفس الإجماع، و قال ابن القشيري: إن من خالف في التخصيص بدليل العقل يخالف هنا، و قال القرافي: الإجماع أقوى من النص الخاص لأن النص يحتمل نسخه و الإجماع لا ينسخ لأنه إنما ينعقد بعد انقطاع الوحي، و جعل الصيرفي من أمثلته: قوله تعالى (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) قال: و أجمعوا على أنه لا جمعة على عبد و لا امرأة، و مثله ابن حزم بقوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن يد و هم صاغرون) و اتفقت الأمة على أنهم لو بذلوا فلسا أو فلسين لم يجز بذلك حقن دمائهم قال و الجزية بالألف فعلمنا أنه أراد جزية معلومة، و مثله ابن الحاجب بآية حد القذف و بالإجماع على التصنيف للعبد،

و الحق أن المخصِّصَ هو دليل الإجماع لا نفس الإجماع كما تقدم.) اهـ من إرشاد الفحول / ص 240ـ دار الكتب العلمية.

2ـ و قال العلامة الشنقيطي في مذكرته في أصول الفقه، في معرض ذكره للمخصصات المنفصلة و هي ثمانية، فذكر الحس و العقل ثم الإجماع فقال:

(الإجماع: و مثل له بعضهم بإجماع المسلمين: على أن الأخت من الرضاع لا تحل بملك اليمين، فيلزم تخصيص: (أو ما ملكت أيمانكم) المؤمنون/6.

و الإجماع في الحقيقة هنا إنما يدل على مستند للتخصيص، فمستند هذا الإجماع الذي ذكرنا هو قوله تعالى "و أخواتكم من الرضاعة"النساء/23.)

اهـ كلام الشيخ في المذكرة ص 210/ دار العلوم و الحكم.

3ـ و يقول الشيخ عبد الله الفوزان في تيسير الوصول، في معرض شرحه للمخصصات التسعة، فذكر الحس و العقل ثم الإجماع فقال:

(قوله "الإجماع" هذا الثالث، و ذلك لأنه دليل قاطع، و العام دليل ظاهر يفيد ثبوت الحكم لكل فرد من أفراد العام بطريق الظهور لا بطريق القطع، فإذا اجتمع القاطع و الظاهر كان القاطع مقدما.

قوله "و الحق أنه ليس بمخصص بل دال على وجوده" أي لأن الإجماع لابد أن يستند إلى دليل، فيكون المخصص للعام هو هذا الدليل، و الإجماع دليل على وجوده.

و من أمثلة ذلك قوله تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله) الجمعة/9.

فإنهم أجمعوا على أنه لا جمعة على عبد و لا امرأة.).

اهـ كلام الشيخ في تيسير الوصول ص 200/ دار ابن الجوزي.

4ـ و يقول الشيخ الدكتور محمد علي فركوس في شرحه على كتاب مبادئ الأصول للعلامة ابن باديس رحمه الله:

(كما يجوز تخصيصه بالإجماع لوقوعه، كتخصيص قوله تعالى "أو ما ملكت أيمانهم" بتحريم المملوكة إن كانت أختا من الرضاع) اهـ من الفتح المأمول في شرح مبادئ الأصول ص 130/ دار الرغائب و النفائس ـ الجزائر.

و لم يتناول الشيخ فركوس هنا المسألة بالتفصيل، و لكن تناولها بلاشك في كتبه الأخرى و أشرطته، فله عناية فائقة بأصول الفقه، وشرحه هذا مختصر و هو تعليقات جيدة و نافعة جدا.

ثانيا:

أحببت أن أفيد إخوتي هنا بجواب لأحد المشايخ الفضلاء بالجزائر، و قد سألته عن اختلاف العلماء في التخصيص بالإجماع، هل هو بذاته أم بمستنده ودليله فقال فيما معناه:

(أن الخلاف لفظي، فالإجماع في الحقيقة لا يمكن أن ينعقد إلا بمستند شرعي، و الأولى أن يقال أن الإجماع دليل على وجود الدليل و ليس دليلا بنفسه، و دليل الإجماع قد يعلم و قد يخفى، و لكن الإجماع يخصص في كلا الحالتين، لأجل مستنده لا لذاته، و إلا صار كالتصويت في عصرنا الحاضر ….!!)

و أعتذر إن خانتني العبارة، فالشيخ صاغ الجواب بأحسن عبارة و تعبير علمي دقيق، و ما قرأتموه إنما هو من إنشائي و ما علق بذاكرتي.

إذن فالخلاصة:

أن الخلاف لفظي فقط، فمن العلماء من يفضل التعبير عن المسألة بتخصيص الإجماع للقرآن و السنة بنفسه و اعتباره دليلا، و يفضل آخرون التعبير عنه بتخصيص الإجماع بمستنده و ليس بذاته لأن الإجماع لا يحصل إلا بمستند، فمرد التخصيص إذن إلى المستند و ليس إلى الإجماع نفسه، و هذا ما اختاره الشيخ العثيمين رحمه الله و الإمام الشوكاني و الشنقيطي و غيرهم.

و لكن في الأخير الإجماع يخصص عند الفريقين جميعا، فالخلاف لفظي فقط.

هذه مجرد مباحثة إخوتي الكرام، و نرجو التوجيه من أساتذتنا الكرام.

و الله أعلى و أعلم ....

بارك الله فيكم جميعا ....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير