وأصلُ ما ليس يطاق يشهدُ = أن ليس تكليفٌ عليه يردُ
والأصلُ في تقديم ما قد عمَّا = مصلحة يُلزمُ ذاك الحكما
وحيثُ إسقاطُ الحظوظ رجحُ = مصلحة العموم وهْيَ توضحُ
بأصل الإيثار الذي تقدما = وما أتى في ذاك نصًا محكما
وحيث ما تكون تلك المفسدهْ = من جهة الأخرى له معتمدهْ
فكل ما لزومه عينيُّ = يحدثُ فيه خلل قطعيُّ
بمقتضى قيامه بالمصلحهْ = فهاهنا للترك له ما أوضحهْ
إذ مرَّ في المصالح الدينيَّهْ = أنَّ لها التقديم بالكليَّهْ
فإن يكن يخل بالكمالِ = فذاك مغفور بكل حالِ
من حيث إن جانب المندوبِ = غير معارضٍ لذي الوجوبِ
وحيثُ ما الدُّخولُ لم يبد الخَلَلْ = عنه ولا النَّقص به أيضًا حصلْ
لكنَّهُ شيءٌ له توقُّعُ = فإنَّهُ للاجتهادِ موضعُ
وقد يكون جانبُ العمومِ = أولى من الخصوصِ بالتقديمِ
ومثلُ ضابطُهُ وِزَانُ = مصلحةٍ لعكسها اقترانُ
فما له الترجيحُ يبدو غلبا = وفي التَّساوي الخلف ممَّا رتبا
على انخرامٍ بثَّ في المناسبهْ = مفسدةً مثليَّةً أو غالبَهْ
وقد ترى المفسدةُ المستوضحهْ = تلغى لعظم ما اقتضته المصلحهْ
المسألة الثامنة
ثم التكاليفُ بحيث ما عُلِمْ = قصد المصالح لديها وفهمْ
فللمكلفين في الدخولِ = في ذاك أحوال على التفصيلِ
فداخلٌ يقصد في القضيهْ = مفهوم قصد الشرع بالشرعيَّهْ
فذاك واضحٌ ولكن ينبغي = قصد التعبدات فيما يبتغي
وداخلٌ لمقصدٍ فتابع = لما عسى أن هو قصد الشارع
مطّلعًا عليه أو لم يطّلعْ = وذا عن الاوّل شيئًا إن يفعْ
وداخلٌ بقصد الامتثالِ = مجرّدًا من كلِّ قصد تالِ
معْ فهمهِ في ذاك قصد المصلحَهْ = أو دونه فحالهُ مستوضحهْ
في كونه أكملَ ممَّا قد مضا = وأنّها أسلمُ فيما يقتضَى
المسألة التاسعة
وليس للمكلَّفين الخِيَرَهْ = فيما يُرى للّهِ حقًّا أظهرَهْ
وهي لهم موجودةٌ فيما بدا = حقًّا لهم من غيره مجرَّدا
وذاك كلُّه بالاستقراءِ في = موارد الشَّرْعِ بلا تخلُّفِ
المسألة العاشرة
وقصدُ قلب الحكمِ أو رفعِ العملْ = بَسَببٍ يُنْحى يُسمَّى بالْحِيلْ
ومقتضاها فعل شيء اُعتُمِدْ = في ظاهرٍ واللغو باطنًا قُصِدْ
كمنشئٍ في رمضن السَّفرَا = بقصد أن يقصرا أو أن يفطرَا
المسألة الحادية عشرة
ليس التَّحيُّلُ من المشروع = في الدين بل ذاك من الممنوعِ
دليله الذَّمُّ على الإطلاقِ = لفاعلي الريَّاءِ والنفاقِ
وما أتى في شأنِ أهل السَّبْتِ = ومن جرى مجراهمُ من مَّقتِ
المسألة الثامنة عشرة
قد صحَّ أنَّ الشَّرعَ للأحكامِ = في ضمنه مصالح للأنامِ
لذاك كان الفعلُ معْها يُعتبَرْ = لما بها من مقصدِ الشَّرْعِ ظَهَرْ
فحيثُ جاء الفعلُ بالوفاقِ = لمقتضَى الشَّرْعِ على الإطلاقِ
فذاك لا إشكال فيه والذي = ظاهره موافق في المأخذِ
وخالفت مصلحة الحكم فذا = ليس بمشروعٍ وممَّا نبذا
لأنَّ الاعمالَ التي قد شرعتْ = مصالحَ الخلقِ عليها وضعتْ
فكلُّ ما خالفا هذا الوضعا = فليس ممَّا يستقرُّ شرعا
وأصلُ ذلك الاتباعُ للهوا = فَهْوَ من الأَمْرِ على غيرِ السَّوا
لذلك المقصدُ غير الشرعي = يهدمُ مقتضاهُ قصدَ الشَّرْعِ
فالحيل التي مضى إبطالها = وذمُّها ولم يَجُزْ إعمالُها
ما ناقضَ المصالح الشرعيَّهْ = أو هَدَمَ القواعدَ الدينيَّهْ
وكل ما ليس كذلك لا يُرى = يَدْخُلُ في النَّهي الذي تقرَّرا
وعند ذا توجدُ أضربُ الحيل = ثلاثةٌ كلٌّ عليه يُسْتدلْ
ضربٌ به البُطلانُ باتفاقِ = كحيلةِ الرياءِ والنفاقِ
والثَّانِ ما الجوازُ فيه آتِ = كحيلةِ المكره للحياةِ
وفي كلا القسمين حكم القطعي قدْ = وافت به النصوص فهي تعتمدْ
والثالثُ الغموضُ فيه ثبتا = لذلك الخلاف فيه قد أتى
إذ ليس فيه قاطع بُرهاني = يلحقه بأوَّلٍ أو ثانِ
فصارَ كُلٌّ يَتْبَعُ اجتهادَهْ = فمَرْجِعُ الخلفِ إلى الشَّهادَهْ
ولا يُقالُ إنَّ مَنْ أجازا = خلاف قصد الشرع اسْتجازا
فمثل ذا ممنوعٌ أن يُعتقَدَا = في علماءِ الدينِ أعلام الهُدَى
وعُدَّ من مسائلِ التَّحيُّلِ = إجازةُ النكاحِ للمُحلِّلِ
وكم بهذا القسمِ من مسائل = والخلف فيها واضح الدلائل
فصل
إنْ قيلَ إن الحكم في مواضعْ = يبْنَى على العِلْمِ بقصدِ الشَّارعْ
فما الذي لعلم ذاك يُوصِلُ = قلتُ له قاعدةٌ تفصلُ
وذاك أنَّ العُلماءَ اختلفُوا = هنا على مذاهبٍ سَتُوصَفُ
طائفةٌ مالوا مَعَ الظَّواهِرِ = ووقفوا مع كل لفظٍ صادرِ
¥