وتأمل قوله -وهو نص مهم قل من ينقله -: ((قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى فقال لي فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ إجْمَاعًا قُلْت يَصِحُّ في الْفَرْضِ الذي لَا يَسَعُ جَهْلُهُ من الصَّلَوَاتِ وَالزَّكَاةِ وَتَحْرِيمِ الْحَرَامِ وَأَمَّا عِلْمُ الْخَاصَّةِ في الْأَحْكَامِ الذي لَا يَضِيرُ جَهْلُهُ على الْعَوَامّ وَاَلَّذِي إنَّمَا عِلْمُهُ عِنْدَ الْخَوَاصِّ من سَبِيلِ خَبَرِ الْخَوَاصِّ وَقَلِيلٌ ما يُوجَدُ من هذا فَنَقُولُ فيه وَاحِدًا من قَوْلَيْنِ نَقُولُ لَا نَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَا لَا نَعْلَمُهُمْ اخْتَلَفُوا فيه وَنَقُولُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فيه اخْتَلَفُوا وَاجْتَهَدُوا فَأَخَذْنَا أَشْبَهَ أَقَاوِيلِهِمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِنْ لم يُوجَدْ عليه دَلَالَةٌ من وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَلَّمَا يَكُونُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ أو أَحْسَنُهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ في ابْتِدَاءِ التَّصَرُّفِ وَالْمُعَقِّبِ وَيَصِحُّ إذَا اخْتَلَفُوا كما وَصَفْت أَنْ نَقُولَ روى هذا الْقَوْلُ عن نَفَرٍ اخْتَلَفُوا فيه فَذَهَبْنَا إلَى قَوْلِ ثَلَاثَةٍ دُونَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ دُونَ ثَلَاثَةٍ وَلَا نَقُولُ هذا إجْمَاعٌ فإن الْإِجْمَاعَ قَضَاءٌ على من لم يَقُلْ مِمَّنْ لَا نَدْرِي ما يقول لو قال وَادِّعَاءُ رِوَايَةِ الْإِجْمَاعِ وقد يُوجَدُ مُخَالِفٌ فِيمَا ادَّعَى فيه الْإِجْمَاعَ))
فأنت ترى أن الذي فرق الإجماع الذي هو في المعلوم بالضرورة عن الإجماع الثاني هو:
1 - أنه قضاء على من لم يقل بما لا نستطيع القطع بأنه سيقوله.
2 - احتمال وجود المخالف.
والأولى راجعة للثانية؛ لأن احتمال جود المخالف إنما نشأ عن عدم قدرتنا على القطع بقوله ما هو على الغيب كما فعلنا في الإجماع الضروري .. وإلا ففي الإجماع الذي هو معلوم بالضرورة قضاء على آلاف مؤلفة لم يبلغنا قولهم .. وإنما الشأن أننا نقطع قطعاً لا ريب فيه أنهم ما كانوا ليقولا إلا بقولنا ..
فليس الإشكال في مجرد أنه لم يبلغنا قولهم فنسميه إجماعاً سكوتياً ونبحث في حكمه،وإنما الإشكال في أنه لا يمكننا القطع بقولهم ما هو .. وإلا فنحن نقطع بقولهم ما هو في مسائل من الإجماع الضروري وإن لم يبلغنا قولهم .. ولا يفوت فطنتك أن الشافعي لم يمنع الاحتجاج بما أسماه المتكلمون إجماعاً سكوتياً .. على ما تراه أمامك ..
وأختم لك بنص ومثال ..
أما النص فهو قول الشافعي: ((وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ شَتَّى الْأُولَى الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إذَا ثَبَتَتْ السُّنَّةُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ الْإِجْمَاعُ فِيمَا ليس فيه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا نَعْلَمُ له مُخَالِفًا منهم وَالرَّابِعَةُ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في ذلك الْخَامِسَةُ الْقِيَاسُ على بَعْضِ الطَّبَقَاتِ وَلَا يُصَارُ إلَى شَيْءٍ غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ من أَعْلَى)).
وهذا هو المثال:
1 - هل ترى أن الإجماع على مشروعية سجود السهو هو من الإجماع الضروري؟
عندي: أنه ليس كذلك ..
2 - هل تستطيع نقل هذا الإجماع عن كل رجل من الصحابة قولاً؟
عندي أنك لا تستطيع ..
3 - فهل الإجماع على مشروعية سجود السهو هو إجماع ظني يحتمل وجود المخالف فيه؟
عندي أنه إجماع قطعي لا ريب فيه ..
ـ[خالد السيناوي]ــــــــ[08 - 09 - 09, 03:32 ص]ـ
جزاك الله خيرا أبا فهر
ـ[سائل]ــــــــ[09 - 09 - 09, 02:14 م]ـ
بارك الله في الجميع ... أرجو الزيادة
ـ[نورالدين الساعي]ــــــــ[21 - 01 - 10, 09:24 م]ـ
(الشيخ يرى مذهب أحمد شاكر والألباني من أنه لا يُحتج سوى بالإجماع الذي صورته صورة المعلوم من الدين بالضرورة .. )
ممكن تثبت قولك بالبراهين على انهما لايحتجان الابهذه الصورة
لان المعروف والمطالع لكتبهما احتجاجهم بقول الصحابي لكن حداالتعريف بماهو معلوم من الدين بالضرورة
لكن من ناحية احتجاجهمافهم يقبلون أقوال السلف
الموافقة للنصوص -والله اعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 - 01 - 10, 12:29 ص]ـ
كلام أحمد شاكر تجده في كتابه: كلمة الفصل في قتل مدمني الخمر ..
¥