[أصول المبنى وعالمية الاسلام]
ـ[عمر الريسوني]ــــــــ[06 - 03 - 10, 04:52 م]ـ
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ووسع كل شيء حفظا، يا من هو المحيط الجامع والنور الساطع، لك الملك ولك الحمد حمدا كثيرا متواترا ونسبحك تسبيحا يليق بجلال سبحات وجهك الكريم واسمك العظيم، وصلوات منك ربي ورحمة لحبيبك ومصطفاك وآله وصحبه ومن ارتضيت من عبادك المتقين.
ولااله الا الله الملك الحق المبين
والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ومن تبعهم باحسان
الى يوم الدين
أنزل الله سبحانه وتعالى على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم آيات جليلة وحكيمة فيها النور والهداية
وهي ركن منهاجي جليل عظيم القدر
مثاني تقشعر منه جلود المؤمنين المصدقين بربهم
يحمل وحدة في معناه وفي مبناه وفي مقاصده فيه تسديدات ومقاربات وأبعاد عميقة
يراد منها اصلاح العقول والمدارك وصلاح النفوس، وتبيان كل الحقائق المحيطة بالانسان
بأسلوب معجز وبيان صادع
ولا يدرك الا بمعرفة وجوهه ونظائره وأشباهه وأسرار اللغة وضوابطها
وهي دعوة ليست مجزأة بل عميقة وشاملة
تحث على اعمال الفكر والتدبر، لمعرفة الأسباب والعلل
وترابطات العلوم فيما بينها في أدق عبارة، وأحكم اشارة
لا تنتهي عجائبه في نظرية أو ما شابه
انه الرحمة المهداة للعالمين
كان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم من بعده
ومن تبعهم بأحسان أعلم الناس به وبمقاصده الرحيمة
وكان يسمع لهم لقراءته في بيوتهم بين أهلهم وأبنائهم أزيز كدوي النحل
فهذه خير أمة، أمة الوسط والعدول و الشهداء على الناس
قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات، الآية (13).
فكتاب الله تعالى متشابه مثاني تقشعر منه جلود المؤمنين
المصدقين بربهم
متشابه في دقته وروعته ومبانيه الحكيمة القصد
وجماله في أداءه ولفظه ومعانيه
مثاني أي يفسر بعضه بعضا
وهو ليس مجرد كتاب فيه الهداية والفضيلة بل ركن وصرح محكم
دقيق في كل الجزئيات مهما تضاءلت وصغرت، ويبني توازنات على المستوى النفسي والروحي ويشحذ العقل لتدبير محكم في كل مجريات الحياة بتقلباتها ونوازعها، ويبني علاقات محكمة متوازنة بدقة متناهية، ويؤسس علاقات الانسان على أساس قيمي وعلمية مسترشدة، وخطابه يتعدى الحدود الزمانية والمكانية ويسمو بالعقل والروح الى غايات ومقاصد رفيعة، عذب المنبع وحكم مبثوثة في كل كلمة وكل جملة فأي تشريع يمكن أن يشمل روعة وعذوبة تتخطى الحدود والفواصل مثل قوله تعالى في محكم كتابه: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الآية، فأي استمرارية في العلاقة الزوجية يمكن أن تدوم دون مودة ورحمة؟ وأي بيان يمكن أن يبنى فوق هذا البيان؟ أو كما قال الامام الغزالي: ليس بعد بيان الله بيان فالحكم مبني لكل زمان ومكان
فمن لم يلتمس من كتاب الله العزيز الهداية والرشد فقد ضل السبيل
سواء على مستوى الشرق أو الغرب
وكمثال دقيق ماذهب اليه علماء الفلك في نظريتهم المعروفة
فبعد أبحاث مستقصية تتعلق بالنشأة الكونية قالوا في نظريتهم: أن الكون تشكل من انفجار عظيم وهذا خطأ اصطلاحي عقيم
و يتبين أنهم ضلوا السبيل لأنهم اذا وعوا وأدركوا نهج الخطاب القرآني
في بنائيات الآيات بعلومها لاسترشدوا الى الصواب
وتبين لهم الرشد، لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:
(ومن آياته خلق السماوات والأرض) الآية، فالكون آية من آيات الله
و لقد بين سبحانه وتعالى ذلك في أعظم اشارة على سبيل الهدى بأن السماوات والأرض فتقت من رتق
ولقد اعترف بعضهم بهذا الخطأ الاصطلاحي الخطير في
هذه النظرية العلمية وكيف يمكن لانفجار أن يشكل كونا بديعا متناسقا
في كل جزئياته، انه خلق وليس انفجارا، لأن الانفجار
يؤدي بك الى فهم عبثي، ولقد اعترفوا بأخطائهم في نظريات أخرى عديدة
في مجالات علمية متخصصة.
ولي ملاحظات أود أن أبديها حول بعض الأصول الفقهية
فكتاب الله العزيز ليس مجرد كتاب فيه الهداية والفضيلة بل ركن وصرح محكم
¥