تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7 - إذَا كَانَ الْمُتَوَلِّي لِلسُّلْطَانِ الْعَامَّ أَوْ بَعْضَ فُرُوعِهِ كَالْإِمَارَةِ وَالْوِلَايَةِ وَالْقَضَاءِ وَنَحْوُ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ وَاجِبَاتِهِ وَتَرْكُ مُحَرَّمَاتِهِ وَلَكِنْ يَتَعَمَّدُ ذَلِكَ مَا لَا يَفْعَلُهُ غَيْرُهُ قَصْدًا وَقُدْرَةً: جَازَتْ لَهُ الْوِلَايَةُ وَرُبَّمَا وَجَبَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ إذَا كَانَتْ مِنْ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يَجِبُ تَحْصِيلُ مَصَالِحهَا مِنْ جِهَادِ الْعَدُوِّ وَقَسْمِ الْفَيْءِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَأَمْنِ السَّبِيلِ: كَانَ فِعْلُهَا وَاجِبًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا لِتَوْلِيَةِ بَعْضِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ وَأَخْذِ بَعْضِ مَا لَا يَحِلُّ وَإِعْطَاءِ بَعْضِ مَنْ لَا يَنْبَغِي؛ وَلَا يُمْكِنُهُ تَرْكُ ذَلِكَ: صَارَ هَذَا مِنْ بَابِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ أَوْ الْمُسْتَحَبُّ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا إذَا كَانَتْ مَفْسَدَتُهُ دُونَ مَصْلَحَةِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْمُسْتَحَبِّ بَلْ لَوْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ غَيْرَ وَاجِبَةٍ وَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ظُلْمٍ؛ وَمَنْ تَوَلَّاهَا أَقَامَ الظُّلْمَ حَتَّى تَوَلَّاهَا شَخْصٌ قَصْدُهُ بِذَلِكَ تَخْفِيفُ الظُّلْمِ فِيهَا. وَدَفْعُ أَكْثَرِهِ بِاحْتِمَالِ أَيْسَرِهِ: كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا مَعَ هَذِهِ النِّيَّةِ وَكَانَ فِعْلُهُ لِمَا يَفْعَلُهُ مِنْ السَّيِّئَةِ بِنِيَّةِ دَفْعِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهَا جَيِّدًا. وَهَذَا بَابٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ.

فإذا ازْدَحَمَ وَاجِبَانِ لَا يُمْكِنُ جَمْعُهُمَا فَقُدِّمَ أَوْكَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ فِي هَذِهِ الْحَالِ وَاجِبًا وَلَمْ يَكُنْ تَارِكُهُ لِأَجْلِ فِعْلِ الْأَوْكَدِ تَارِكَ وَاجِبٍ فِي الْحَقِيقَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ مُحَرَّمَانِ لَا يُمْكِنُ تَرْكُ أَعْظَمِهِمَا إلَّا بِفِعْلِ أَدْنَاهُمَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُ الْأَدْنَى فِي هَذِهِ الْحَالِ مُحَرَّمًا فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ تَرْكُ وَاجِبٍ وَسُمِّيَ هَذَا فِعْلُ مُحَرَّمٍ بِاعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَضُرَّ. وَيُقَالُ فِي مِثْلِ هَذَا تَرْكُ الْوَاجِبِ لِعُذْرِ وَفِعْلُ الْمُحَرَّمِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ أَوْ لِلضَّرُورَةِ؛ أَوْ لِدَفْعِ مَا هُوَ أحرم ...

8 - وَهَذَا بَابُ التَّعَارُضِ بَابٌ وَاسِعٌ جِدًّا لَا سِيَّمَا فِي الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ الَّتِي نَقَصَتْ فِيهَا آثَارُ النُّبُوَّةِ وَخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ تَكْثُرُ فِيهَا وَكُلَّمَا ازْدَادَ النَّقْصُ ازْدَادَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَوُجُودُ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا اخْتَلَطَتْ الْحَسَنَاتُ بِالسَّيِّئَاتِ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ وَالتَّلَازُمُ فَأَقْوَامٌ قَدْ يَنْظُرُونَ إلَى الْحَسَنَاتِ فَيُرَجِّحُونَ هَذَا الْجَانِبَ وَإِنْ تَضَمَّنَ سَيِّئَاتٍ عَظِيمَةً وَأَقْوَامٌ قَدْ يَنْظُرُونَ إلَى السَّيِّئَاتِ فَيُرَجِّحُونَ الْجَانِبَ الْآخَرَ وَإِنْ تَرَكَ حَسَنَاتٍ عَظِيمَةً والمتوسطون الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْأَمْرَيْنِ قَدْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ أَوْ لِأَكْثَرِهِمْ مِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ أَوْ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ فَلَا يَجِدُونَ مَنْ يُعِينُهُمْ الْعَمَلَ بِالْحَسَنَاتِ وَتَرْكَ السَّيِّئَاتِ؛ لِكَوْنِ الْأَهْوَاءِ قَارَنَتْ الْآرَاءَ.

9 - فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَتَدَبَّرَ أَنْوَاعَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ يَكُونُ الْوَاجِبُ فِي بَعْضِهَا - كَمَا بَيَّنْته فِيمَا تَقَدَّمَ -: الْعَفْوَ عِنْدَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ؛ لَا التَّحْلِيلَ وَالْإِسْقَاطَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي أَمْرِهِ بِطَاعَةِ فِعْلًا لِمَعْصِيَةِ أَكْبَرَ مِنْهَا فَيَتْرُكُ الْأَمْرَ بِهَا دَفْعًا لِوُقُوعِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ مِثْلَ أَنْ تَرْفَعَ مُذْنِبًا إلَى ذِي سُلْطَانٍ ظَالِمٍ فَيَعْتَدِي عَلَيْهِ فِي الْعُقُوبَةِ مَا يَكُونُ أَعْظَمَ ضَرَرًا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير