تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[سورة" الكافرون":جدال السياسة والعقيدة،فهل من معتبر!]

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[03 - 06 - 08, 01:05 ص]ـ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،باسم الله الرحمن الرحيم

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

[تنبيه: هذه المقالة مهداة إلى كل إسلامي فتنته السياسة وركن إلى منهجها شيئا قليلا متوهما أنه يمكن نصرة الدين بها ومنها ... الحق والحق أقول أن الخصوم لن يتنازلوا أبدا عن مثل ما تنازل به المشركون لنبينا صلى الله عليه وسلم ومع ذلك رد عليهم بما ستقرأ وتسمع .. فلا أنتم تكونون أكثر تسامحا من نبيكم ولا خصومكم من الكرم يعدونكم بما تكرمت به قريش!]

قال الواحدي:

نزلت في رهط من قريش قالوا: يا محمد هلم اتبع ديننا ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظك، فقال: معاذ الله أن أشرك به غيره، فأنزل الله تعالى (قُل يا أَيُّها الكافِرونَ) إلى آخر السورة، فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش، فقرأها عليهم حتى فرغ من السورة، فأيسوا منه عند ذلك.

1 - السياسة في كامل زخرفتها:خطاب المداهنة:

الخطاب السياسي للرهط القرشي بالغ هنا أوج الزخرفة، بحيث لايمكن نقضه بسهولة ما دمنا ماكثين في المواضعة السياسية.

وإحكام الخطاب يتجلى في صلابة بنية المقترح القرشي القائمة على الأسس التالية:

-أساس من المنطق:" برجماتية" الحساب.

-أساس من المقصد: "اشتراكية" المصلحة.

-أساس من الذريعة: "ديموقراطية" التناوب.

أ-النظر إلى الأساس الأول ينبيء أن المقترح لا غبار عليه من جهة المنطق: فالأخذ بالنظريتين المتعارضتين معا إحاطة بالمصلحة قطعا وتحصيل لها حيثما كانت .. بينما التمسك بالنظرية الواحدة محكوم عليه بالمغامرة والمجازفة:إما فوز وإما ندامة.

ب-النظر إلى المقصد يكشف عن مقترح لا غبار عليه من جهة الأخلاق .. فالقرشيون يظهرون أنفسهم بعيدين عن سلوك الأثرة والاستئثار فالخير مراد للجميع بدون اسثناء" فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يدك قد شركت في أمرنا وأخذت بحظك"

لعمري،إنها لصفقة مرضية لا شائبة فيها و استبعادها لا يمكن إلا أن يكون دليلا على الأنانية!

ج-النظر إلى الوسيلة التي اقترحها الرهط القرشي يكشف عن حصافة إدارية وسياسية يحسدون عليها ..

"تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة"

فالمبدأ يستجيب لأركان "الرؤية الديموقراطية"بتضمنه البنود الآتية:

-توسيع مفهوم التعددية والتعايش.

-تسنين قاعدة التناوب.

- تكريس معنى التفاوض والحوار.

وهكذا أحكم القرشيون وجهة نظرهم فهم –ونحن نعترف لهم-لم يتركوا لخصمهم أي خيار:فإما المصادقة على الاقتراح القرشي، وإما الشهادة على النفس بالتسلط والاستبداد.

2 - أزيز قذيفة الحق: خطاب المفاصلة.

"قل يا أيها الكافرون"

التلقين –ب"قل"-إشارة إلى تغيير المجال التداولي: فالأمر لم يعد محض تفاوض سياسي بين طرفين في قريش يجب أن يضبطه الاجتهاد وتحكيم العقل والمصلحة ..

إن"قل" معناها إلغاء الثنائية القطبية التي توهمها القرشيون فمخاطبهم الآن ليس حزبا مفاوضا أو مندوبا متكلما عن جناح فكري مخالف ... بل هو مبلغ عن ربه فلا ندية ولا مساواة ... وليس منتظرا منهم مساومة بأخذ ورد وتقليب بنود المفاوضة على ضوء من العقل والواقع .. بل هي الطاعة أو العصيان،والإيمان أو الكفران.

ولتثبيت هذا المعنى جاء النداء شديدا وحاسما:

"يا أيها الكافرون"

لا بد من ملاحظة معنيين جليلين ينبعثان من هذا النداء:

-الأول: قطع خطاب المهادنة/المداهنة الذي نسجه الرهط من قريش .. وتأسيس خطاب بديل-وربما غير مألوف في القرآن المكي- مبني على الشدة والصرامة ..

فالمخاطبة ب"يا أيها الكافرون" من شأنها أن تثير غضب المخاطبين، قال الشيخ ابن عاشور:

"ونُودوا بوصف الكافرين تحقيراً لهم وتأييداً لوجه التبرؤ منهم"

وقال ابن الانباري:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير