تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كلمة في دراسة أصول الفقه وحكم تعلم المنطق (د. سليمان الرحيلي)]

ـ[أبو ناصر المدني]ــــــــ[25 - 08 - 10, 04:01 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا تفريغ لجواب للشيخ د. سليمان الرحيلي، عضو هيئة التدريس بقسم أصول الفقه بكلية الشريعة

بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية،

أجاب عن سؤال يتعلق بالمنهجية في أصول الفقه وأهميته وحكم تعلم المنطق لفهم الأصول،

وقد فرَّغته من شريط بعنوان: نفح الطيب في فضائل الحبيب -صلى الله عليه وسلم- شارك فيه الشيخ مع مجموعة من المشايخ،

وقد ورد هذا السؤال في آخر الندوة، وفيما يلي نص السؤال والجواب.

السؤال: ما هو المنهج الأسلم في دراسة علم أصول الفقه، وهل من كان قد قرأ في الورقات تنصحونه بحفظ مراقي السعود؟

وهل هو نظم مناسب أو أن هناك نظم أنسب منه؟، وبما أن أصول الفقه مرتبطة بالمنطق فهل تنصحون بدراسة المنطق تمهيدًا لفهم الأصول؟

وما هو المناسب في ذلك؟

أفيدونا - أثابكم الله -.

الجواب (قال بعد تعليق على موضوع سابق):

وأما السؤال عن علم أصول الفقه، فـ "من حرم الأصول حُرم الوصول"، ولا شك أن أصول الفقه علم ضابط، يضبط للإنسان فهم الأقوال، سواء ما يتعلق بالكتاب والسنة، أو ما يتعلق بفهم كلام السلف، أو ما يتعلق بفهم كلام الناس؛ فإن مَن انضبطت له الأصول كان حكمه في الغالب موافقا للمنقول والمعقول، وأصول الفقه علم شريف بدأ كسائر العلوم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم - أعني العلوم الشرعية -، واستقر في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل به الصحابة، ولما اختلط اللسان العربي بغيره، وكثُرَت المناظرات = احتيج إلى تدوينه، فكان أولَ من ألَّف فيه تأليفا كاملا مستقلا = هو الإمام المطلبي الشافعي محمد بن إدريس،

ألَّف الرسالة على سنن قيم،

لكن من أسف أن هذا العلم تلقفه المنحرفون؛ المنحرفون في علم العقيدة، والمنحرفون في علم الفقه، فأخذ هذا يرمي فيه بحجر، وهذا يرمي فيه بحجر، حتى كدروا صفوه، وجعلوه بعيد العبارة، صعب الإشارة، فيه كثير من الكلام الذي لا يُفهم، كأنه تمتمات كاهن أو عزائم ساحر.

وطالب العلم يحتاج أن يفهمه وأن يدرسه دراسة صحيحة،

والدراسة الصحيحة له ينبغي أن تكون بمقدِّمات:

المقدمة الأولى: إحكام المعتقد وفهم معتقد السلف الصالح - رضوان الله عليهم-؛ فإن أصول الفقه فيه كثير من المداخل والزلل في هذا الباب.

والمقدمة الثانية: هي بتجريده أولا، كقراءة كتاب الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله-، أو نحوه في هذا الباب، ثم بقراءته على شيخ، فكل العلوم تحتاج أن تُقرأ على شيخ؛ لكن علم أصول الفقه يتأكد فيه هذا؛ لأن علم أصول الفقه فيه كثير من الدخيل الذكي، الذي يحتاج إلى من ينبه إلى ما فيه.

وطالب العلم إذا قرأ مثلا الورقات - كما جاء في السؤال - الورقات متن مشهور عند الأصوليين، ولو قرأه طالب العلم على شيخ ينتفع بذلك كثيرا، ثم الأخ يشير إلى نظم المراقي، ونظم المراقي نظم في أصول الفقه، نُظِم فيه جمع الجوامع مع غيره، وهذ النظم فيه كثير من العبارات المعقدة، وأنا لا أحبذه ولا أفضله - وإن راج عند الطلاب ترويجًا من بعض مشايخ اصول الفقه -، وإنما أرى أن طالب العلم إذا قرأ الورقات على شيخ = ينتقل إلى الروضة - روضة الناضر لابن قدامة -، ثم بعدها ينتقل إلى شرح الكوكب المنير لابن النجار الحنبلي،

وهذا الكتاب يتميز بميزات:

1 - منها أن صاحبه ذو عقيدة صحيحة.

2 - ومنها أن الكتاب فيه سعة أصولية؛ لأن ابن النجار تلميذ البرماوي صاحب الألفية الذي ألف ألفية في أصول الفقه، قال فيها: سميتها ألفية تقليلا؛ لأنها ألف وأربع مئة ونيِّف، ثم شرحها، البرماوي هو تلميذ الزركشي صاحب البحر المحيط - الموسوعة الأصولية الكبرى في جمع الأقوال من الكتب -، فابن النجار أخذ من

البرماوي ما أخذه البرماوي من الزركشي من السعة الأصولية مع سلامة معتقده، فالكتاب نافع جدا، وأنا أوصي به في المرحلة الثالثة لطالب العلم في دراسة هذا الفن الذي ينبغي على طلاب العلم أن يهتموا به.

هذه إشارة باختصار.

أما دراسة المنطق، فالمنطق أدخل في أصول الفقه، وليس من أصول الفقه، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: إن المنطق يضر البليد -في الحقيقة -، ولا ينفع الذكي.

وما استفاد الأصوليون من إدخال المنطق إلا تكثير العبارة، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: إنهم ما استقروا على تعريف، كلما جاء أحدهم بتعريف نقضه الآخر، لإدخالهم الحدود المنطقية، والمنطق لا يحتاجه طالب العلم لمعرفة أصول الفقه معرفة صحيحة، والمنطق يضر، ولذلك أفتى كثير من أهل العلم بتحريم تعلمه أصلا، ولا شك أنه من حيث الجملة على الأفراد لا يجوز تعلمه؛ لأن تعلمه سلسلة تقود إلى ما يسمونه بالمشككات، والمشككات هو باب إفساد المعتقدات، ومن أهل العلم من أخذ شيئا من المنطق وسماه بـ (آداب البحث) من المقدمات التي يمكن أن يستفاد منها؛ لكني أرى أنه ليس لطالب العلم حاجة إلى مثل هذا العلم حتى يفهم أصول الفقه إذا قرأ أصول الفقه على شيخ متمكن، والله أعلم.

(من شريط: نفح الطيب في فضائل الحبيب - صلى الله عليه وسلم-)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير