[سورة الناس (السامرائي).]
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[06 - 06 - 08, 05:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي
سورة الناس
آخر سور القرآن بترتيب المصحف
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ {1} مَلِكِ النَّاسِ {2} إِلَهِ النَّاسِ {3} مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ {4} الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ {5} مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ {6}
* المعوذتان هما سورتان في القرآن الكريم، جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية، الواقعة على الإنسان من الخارج والتي تصدر منه من الداخل.
* فسورة الفلق تضمنت الاستعاذة من الشرور الظاهرة والخفية الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكن له دفعها، ولا سبيل لذلك إلا بالصبر، وهذه الأمور إذا وقع فيها الإنسان وصبر سجل ذلك في صحيفة حسناته لأن الله تعالى يجزي الصابرين.
والشر في سورة الفلق مما لا يدخل تحت التكليف ولا يطلب منه الكف عنه لأنه ليس من كسبه فهو غير محاسب عليه.
* أما سورة الناس فهي سورة الاستعاذة من شرور الإنسان الداخلية (النابعة من نفسه) وهي التي قد تقع على صاحبها (القارئ)، وقد تقع على غيره، وهي التي يستطيع الإنسان أن يدفعها ويتجنب ظلم النفس والآخرين.
وهذه الشرور إذا وقع فيها الإنسان سجلت في صحيفة سيئاته.
والشر المقصود في هذه السورة هو مما يدخل تحت التكليف ويحاسب عليه المرء لأنه يدخل ضمن ما نُهي عنه.
** فالسورتان جمعتا الاستعاذة من الشرور كلها الظاهرة والخفية .. ما يدخل تحت التكليف (ما جاء في الناس)، وما لا يدخل في التكليف (ما جاء في الفلق) .. ما لا يستطيع دفعه (الفلق) وما يستطيع دفعه (الناس .. ما يدخل سجل الحسنات (الفلق) وما يدخل سجل السيئات (الناس)
وقال عدد من المفسرين والمحققين: سورة الفلق استعاذة بالله من شرور المصائب، وسورة الناس استعاذة بالله من شرور المعايب.
جاء في التفسير القيم لابن القيم
فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة بحيث لم يبق شر من الشرور إلا دخل تحت الشر المستعاذ منه فيهما”
قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس
قل أعوذ برب الناس
ـ أعوذ بالله لغة:هي بمعنى ألتجئ وأعتصم بالله.
ـ قل: أمر الله تعالى الرسول أن يقول
الأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود
يتبع بإذن الله ..
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[06 - 06 - 08, 05:29 ص]ـ
(قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فهي من باب الإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا، وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه
وفيها قتل للغرور، لأن الكِبر والغرور يمنعان المرء أحيانا من طلب الإعانة وهو في حاجة شديدة إليها، فتطلب منه لآية أن يعلن التجاءه إلى ربه، فلا يكتفي بالشعور بالحاجة بل يعلنها، سواء الرسول أو غيره من البشر
قالوا أتشكو إليه ما ليس يخفى عليه ** فقلت ربي يرضى ذل العزيز لديه
ففي هذا الإعلان قتل بل علاج للكِبر الذي في نفس الإنسان والذي قد يودي به إلى الطغيان
(إن الإنسان ليطغى. أن رآه استغنى) لذلك لا بد من قولها باللسان ولا يجوز النطق بالاستعاذة دون الأمر (قل)
ثم إن هذا القول من أسباب الطاعة فإن المرء إن استعان بأحد فلا يمكن أن يعصيه
وإذا صاحب الاستعاذة شعور في النفس بالحاجة إلى غياث المستغيثين ليأوي إلى ركن شديد فهذا الشعور بالحاجة إلى مولاه يُلين القلوب القاسية.
قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس
ـ الاستعاذة في السورة هي بـ: رب الناس، بملك الناس، وبإله الناس من شر الوسواس الخناس
فالمستعاذ منه هو شر واحد والاستعاذة منه جاءت بالربّ والملك والإله من وسوسة الشيطان المُهلكة.
أما في سورة الفلق فقد كانت الاستعاذة بشيء واحد من شرور متعددة.
وفي هذا إشارة عظيمة إلى خطورة الوسوسة على الإنسان وعلى غيره لأنه إن استجاب لهذها لوساوس فقد يردي نفسه في الدنيا والآخرة
أما الأمر الذي ليس من كسبه (ما جاء في سورة الفلق) فقد استعاذ منه بأمر واحد وهذه لفتة بيانية عظيمة من هاتين السورتين الكريمتين إلى خطورة البشر وخطورة الوسوسة
¥