[البسملة في القرآن الكريم ..]
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[07 - 06 - 08, 06:26 م]ـ
الحمد لله رب العالمين ,والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحابته والتابعين إلى يوم الدين ...
فإن من سوابغ نعم الله تعالى على خير أمة أخرجت للناس إكرامها بكتاب الله المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, ومما اشتمل عليه القرآن من آيات العظمة والجلال
-وكله كذلك- البسملةُ التي افتُتحت بها أم الكتاب وسأتطرق في عجل إلى ما يلي في تفسيرها بعد استمداد العون من ربي المعين:
1 - سببِ نزولها.
2 - معنى لفظ (بسملة) وإعرابها.
3 - شرحِها.
4 - البسملة عند القراء والفقهاء.
والله أسألُ أن يكرمني في هذا العمل بالإخلاص والقبول إنه ولي ذلك والقادر عليه, وهو بلا ريب قريبٌ مجيب الدعاء, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين ...
1 - سبب النزول, وتاريخه:
لم أجد في ما طالعتُ من كتب التفسير سببا خاصا لنزول البسملة لوحدها, وذلك أن آيَ القرآن لا يلزمُ أن يكون لكل منها سببُ نزول مستقل, إذ يرِدُ بعضها وينزلُ من الله ابتداءاً, وقد ورد سببان لنزول البسملة كما ذكر ذلك الواحدي رحمه الله إلا أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في كتابه العجاب في بيان الأسباب تعقَّب الواحدي -رحمه الله- في آثارٍ ذكرها مستدلاً بها على سبب نزول البسملة فقال: (ثم أسند من طريق أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال: أول ما نزل به جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يا محمد استعذ ثم قل: بسم الله الرحمن الرحيم} والراوي له عن أبي رويق ضعيفٌ فلا ينبغي أن يُحتَجَّ به.
ثم أسند من طريق من طريق يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: {أول ما نزل من القرآن: بسم الله الرحمن الرحيم}.وهذا مرسل, ولعل قائله تأول الأمر في قوله تعالى (اقرأ باسم ربك الذي خلق) وإلى ذلك أشار السهيلي فقال: يستفاد من هذه الآية ابتداءُ القراءة بالبسملة, وأما خصوص نزول البسملة سابقا ففي صحته نظرٌ.)
ثم قال عقب ذلك (ثم أسند من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى ينزَل عليه بسم الله الرحمن الرحيم- وهذا رواته ثقات.
وأخرجه أبو داود لكنه اختُلف في وصله وإرساله, وأورد الواحدي له شاهدين بسندين ضعيفين.
قال الجعبري: يؤخذ من هذا أن لنزول البسملة سببين, أحدهما: التبرك بالابتداء بها, والثاني: الفصل بين السورتين والله أعلم) العجاب في بيان الأسباب, لابن حجر, تحقيق: عبد الحكيم محمد الأنيس, ص/243
أما فيما يتعلق بتاريخ نزولها فقد قيل إنها أول ما نزل من القرآن الكريم ولكن في عدم تقييد ذلك بأوائل السور نظرٌ, حيث يرى الإمام السيوطي رحمه الله أنها هي أول آية نزلت على الإطلاق لحاجة أول السورة إليها , قال رحمه الله عند ذكره لأقوال العلماء في أول ما نزل, وقد جعل القول بأن البسملة هي أول ما نزل رابعَ تلك الأقوال (وعندي أن هذا لا يعد قولاً برأسه, فإنه من ضرورة نزول السورة نزول البسملة معها, فهي أول آية نزلت على الإطلاق.)
الإتقان في علوم القرآن للسيوطي1/ 72
2 - معنى كلمة البسملة وإعرابها:
في اللغة العربية ما يسمَّى بالنحت في النسب, وهو نحت لفظ واحد من اسمين مشتركين أصلاً, كقول دمعزَ فيمن قال: أدام الله عزك, وحوقل فيمن قال: لا حول ولا قوة إلا بالله, وبسمل فيمن قال: بسم الله الرحمن الرحيم ... الخ.
قال السمين الحلبي رحمه الله (وهي لغة مولدة, وقد جاءت في الشعر, قال عمر بن أبي ربيعة:
لقد بسملت ليلى غداة لقيتها ... ألا حبذا ذاك الحبيب المبسمِلُ
وغيره من أهل اللغة نقلها ولم يقل إنها مولدة كثعلب والمطرز)
الدر المصون1/ 13
وإعرابُها مختلفٌ بحسب اختلاف النحاة في التقدير المحذوف قبلها على وجهين:
(الباء): حرف جرٍّ.
(اسمِ): اسم مجرورٌ.
والجار والمجرور على القول بأن المحذوف مبتدأٌتقديره: (ابتدائي باسم الله) يكونان في محل رفعٍ خبرٌ, على القول بأن المحذوف المقدَّر فعلٌ تقديره (أبتدئ باسم الله) يكونان في محل نصب مفعول به والفاعل ضميرٌ مستترٌ تقديره أنا.
الرحمنِ الرحيمِ: صفتان مجرورتان تبعاً للموصوف.
3 - شرحها:
¥