ما كان أصله فصيحاً من ألفاظ العامة!
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[07 - 11 - 02, 07:56 ص]ـ
ما كان أصله فصيحاً من ألفاظ العامة!
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد
• قال أبو عمر السمرقندي - عامله الله بلطفه الخفي -:
في هذا الفِقرة محاولة متواضعة من كاتبها لإعادة ألفاظ عربية إلى أصولها؛ مما قد شاع بين العامة من ألفاظ يظنها بعض الناس من أخطائهم، والتحقيق أنَّه ليس كذلك.
وأنا هنا معتن أكثر بلهجة أهل مكة - حرسها الله - الدارجة في ذا الزمان؛ بل قبله، إذْ قد باتت هذه اللهجة شبه ريح؛ حتى لا تكاد تجد من يتكلَّم بها؛ إلاَّ القليل من بقايا ذاك العهد الذي عفا عليه الزمن ... وهي معروفة للقاصي والداني بألفاظها الفخمة القوية!
وأنا لا أدعو إلى إحيائها كفعل المستشرقين - حاشا لله - ولا أدافع عن أخطائها الشنيعة؛ لكني أدعو إلى تهذيبها وتوجيهها.
وأقطع الاستطراد فأقول: المقصود أنَّ كلام العامة منه ما هو دخيل من لغات الأعاجم ثم عُرِّب.
ومنه ما أصله عربيٌ فصيح لكن دخله النحت أو التحريف مع الزمن.
ومنه ما هو من كلام العرب؛ لكنه استنكر لكونه ذائعاً بينهم.
====================================
فنبدأ على بركة الله:
1 - قال أبو عمر: يقول أهل مكة وبعض الأعاجم: (رأيت كذا وكذا نفر) من الناس؟!
• وهذا ليس غلطاً محضاً: ففي القاموس المحيط (2/ 206): ((النفر: الناس كلهم، وما دون العشرة من الرجال)).
• وقال الحريري في درَّة الغواص (ص/234): ((ويقولون: هم عشرون نفراً، وثلاثون نفراً؛ فيوهمون فيه.
لأنَّ نفر إنما يقع على الثلاثة من الرجال إلى العشرة؛ فيقال: هم ثلاثة نفر، وهؤلاء عشرة نفر، ولم يُسْمَع عن العرب استعمال النفر فيما جاوز العشرة بحال)).
• قلت: فقول الأعاجم ومن حكى قولهم على سبيل التخطئة: (هؤلاء ثلاثة نفر) إلى (عشرة) ليس فيه غلط؛ إنما الغلط ما جاوز العشرة.• ويؤيد ما نقلته ويشدُّه حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند مسلم (1676): ((لا يحل دم رجل مسلم ... إلاَّ ثلاثة نفر))، وحديث ابن عمر رضي الله عنه عند مسلم (2743): ((بينما ثلاثة نفر يتمشون))، وغيرهما من الأحاديث.
=====================================
2 - قال أبو عمر: يقول أهل مكة ومن نحا نحوهم: فلان دَسَّ كذا وكذا، ولا تدُسُهْ، ومن دسَّ كذا وكذا، وخَرِّج المدسوس .. الخ، اشتقاقاتهم لهذه الكليمة الدالة على مصدر (دسَّ) أي: خبَّأ.
• قال في القاموس المحيط (2/ 313): ((الدسُّ: الإخفاء، ودفن الشيء في الشيء)).
======================================
3 - قال أبو عمر: يقول أهل مكة: لا تدعس كذا وكذا، وفلان دعسه، والأمر الفلاني مدعوس .. الخ اشتقاقاتهم لهذه الكليمة التي مصدرها (دعس) بمعنى: دهس ووطيء على كذا.
• قال في القاموس (2/ 313): ((الدعس: شدة الوطء)).
=====================================
4 - قال أبو عمر: يقول أهل مكة: فلان طاح من المكان الفلاني، وهو يطيح وطيَّحه ... الخ اشتقاقاتهم لهذه الكليمة التي أصل مصدرها (طاح) بمعنى: سقط.
• قال في القاموس (1/ 478): ((طاح يطوح ويطيح: هلك وأشرف على الهلاك، وذهب وسقط وتاه في الأرض)).
======================================
5 - قال أبو عمر: يقول أهل مكة: (لا تَتبهْلَل، أو: بلا بهْلَلَة!) بمعنى: بِلا سخرية أو استخفاف أومزح أو ...
• ولعل الأصل في اشتقاق الكلمة (البهلول)!
• قال في القاموس (3/ 497): ((البُهلول: كسُرْسُور: الضحَّاك، والسيدِّ الجامع)).
• قال أبو عمر: والمقصود من كلامه ههنا قوله: (الضحَّاك)، فهو بالضم بُهلُول، وليس بالفتح (بَهلول)؛ كما هو ذائع عند العامة.
فمن يقول لك لا تتبهلل أو بلا بهللة؛ فلعلَّه يقصد - والعهدة عليه – أن لا تتشبَّه بفعل البهاليل من الذين يتصنَّعون حركات تضحك الناس.
نسأل الله العافية والسلامة!
======================================
6 - قال أبو عمر السمرقندي: ومما هو شائع عندهم؛ لكنه من باب النحت:
• قول أهل مكة: (إيْشْبَك يا فلان؟)؛ يعني: ماذا بك؟
• والأصل فيها: أيُّ شيءٍ بكَ.
• ويقولون: (إيْشْ بُوْ؟)؛ يعني: أيُّ شيءٍ بهِ؟
• ومن النحت أيضاً قولهم: (علَشان كذا وكذا).
ويوافقهم أهل مصر؛ لكنهم يحذفون منها اللام؛ فيقولون: عشَان.
• قلت: الأصل فيها: على شأن كذا وكذا!
• ويقول أهل نجد: (سَمْ)؛ بمعنى أبشر أو أْمُر أو تفضَّل ...
• والأصل كما سمعته من احد الأساتذة والعهدة عليه: سمعاً وطاعة!
• قال أبو عمر: والنحت باب واسع؛ ولم أقف على من نصَّ على هذه الكليمات التي زعمتها منحوتة وأعدتها لأصلها، وبالله التوفيق.
لنا لقاء في المجلس القادم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
: D:D :D
¥