تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[أبيات جميلة أزهقت بها أنفس معصومة]

ـ[السدوسي]ــــــــ[11 - 06 - 05, 11:15 ص]ـ

قال ابن المعتز في طبقات الشعراء:

حدَّثني جعفر ابن إبراهيم بن ميمون قال: حدَّثني إسحاق بن منصور قال: حدَّثني أبو الخصيب الأسدي قال: لما تناهت أيام بني أمية وانقضت دولتهم وأفضت الخلافة إلى بني العباس، وولى منهم السفاح- وهو ابن الحارثية- اتصل الخبر بسديف وهو إذ ذاك بمكة، فاستوى على راحلته وتوجه نحو أبي العباس- وكان به عارفاً- فلما وصل إليه قال له: من أنت؟ قال: أنا سديف بن ميمون. قال: مولاي سديف؟ نعم يا أمير المؤمنين، ثم هنأه بالخلافة، ودعا له بالبركة، وأنشده قصيدة التي أولها: أصبح الملك ثابت الآساس بالبهاليل من بني العباس

لا تقيلن عبد شمس عثاراً واقطعن كل رقلة وغِراس

ولقد ساءني وساءَ سوائي قربهم من منابر وكراسي

فاذكروا مصرع الحسين وزيد وقتيلاً بجانب المهراس

والقتيل الذي بحران أضحى رهن رمس وغربة وتناسى

ذلهما أظهر التودد منها وبها منكم كحز المواسي

أنزلوها بحيث أنزلها الل ه بدار الإتعاس والإنكاس

فعملت كلمته في أبي العباس وحركت منه، وعنده قوم من بني أمية فقالوا: أعرابي جلف جاف لا يدري ما يخرج من رأسه. فتفرق القوم على ذلك، فلما كان من الغد، وجه أبو العباس إليهم: أن اجتمعوا واغدوا على أمير المؤمنين مع سيدكم سليمان بن هشام ليفرض لكم ويجيزكم- وكان سليمان يكنى أبا الغمر، وكان صديقاً لأبي العباس من قبل أن تفضى إليه الخلافة، يكاتبه ويقضي حوائجه- فلما أصبحوا تهيئوا بأجمعهم، وبكروا إلى أبي العباس مع أبي الغمر، فأذن لهم ورفع مجالسهم، وأجلس أبا الغمر سليمان بن هشام عن يمينه على سريره، وجاء سديف حين سمع باجتماعهم حتى استأذن عليه، فلما مثل بين يديه ونظر إلى مجالسهم كهيئتها بالأمس ورأى أبا الغمر على السرير- وفيهم رجل من كلب من أخوال أبي الغمر، وكان منعه الحاجب وقت دخولهم، فنادى: يا أبا الغمر هذا يمنعني من الدخول، فقال أبو الغمر: هذا رجل من أخوالي فاتركه، فقال له الحاجب: ويلك ارجع فهو خير لك، فقال لا والله لأدخلن، قال: أنت أعلم- ثم أنشأ سديف يقول:

يا ابن عم النبيّ أنت ضياء استبنا بك اليقين الجليا

قد أتتك الوُفود من عبد شَمْس مستعدين يُوجعون المِطيا

عَنوِة أيها الخليفة لا عَن طاعةٍ بل تَخوَفوا المَشرفيّا

لا يغرنك ما ترى من خضوع إن تحت الضلوع داء دويا

بطن البغض في القديم فأضحى ثابتاً في قلوبهم مطويا

فضع السيف وارفع السوط حتى لا ترى فوق طهرها أمويا

واستمر في القصيدة حتى أتى على آخرها، وأبو العباس يغتاظ. ويحنق ويتلون. فقال سليمان بن هشام لسديف: يا ابن الفاعلة ألا تسكت؟ فلما قال ذلك اشتد غضب أبي العباس. ونظر إلى رجال خراسان وهم وقوف بالأعمدة فقال لهم بالفارسية: دهيد، يعني اضربوا. فشدخوا رءوسهم بالأعمدة حتى أتوا على آخرهم، ثم نظر إلى سليمان وقال له: يا أبا الغمر مالك في الحياة خير بعد هؤلاء، فقال: أجل، فشدخوا رأسه وجروه برجله حتى ألقوه مع القوم، وصاج الرجل الكلبي فقال: يا أمير المؤمنين أنا رجل من كلب، فقال أبو العباس: ساعدت القوم في سرائهم فساعدهم في ضرائهم، وأومأ أن اضربوه فإذا هو مع القوم، ثم جمعهم وأمر بالأنطاع فبسطت عليهم ثم جلس فوقهم، ودعا بالغداء فتغدى، وإن بعض القوم ليتحرك، وفيهم من يسمع أنينه، فلما فرغ من غدائه قيل له هلا أمرت بهم فدفنوا أو حولوا إلى مكان آخر فإن رائحتهم تؤذيك؟ قال: والله إن هذه الرائحة لأطيب عندي من رائحة المسك والعنبر الآن سكن غليلي. أهـ

قلت: وابن المعتز وإن كان غير ثقة إلا أن القصة ثابتة في كثير من المصادر

وحسبك أن ابن الأثير استشهد ببيت سديف - لاحياه الله - في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر فقال:

وضع

في حديث الحج "وأَوْضع في وادي محُسِّر" يقال وَضَع البَّعير يَضَع وَضْعاً وأَوْضعه رَاكِبه إيْضاعاً إذا حمله على سُرْعَة السَّير.

ومنه حديث عمر "إنَّك والله سَقَعْتَ الحاجِبَ وأَوْضَعت بالرَّاكب" أي حَمَلته على أن يُوضع مَرْكُوبه.

ومنه حديث حذيفة بن أسيد "شَرَّ الناس في الفِتْنَة الرَّاكب المَوْضع" أي المُسْرع فِيها وقد تكرر في الحديث.

وفيه "من رَفْع السِّلاح ثم وَضَعه فَدَمه هَدْر" وفي رِوَاية "من شَهَر سَيْفه ثم وَضَعه" أي من قَاتَل به يعني في الفِتْنة يُقال وَضَع الشَيء مِن يَده يَضَعه وَضْعاً إذا أَلْقَاه فَكَأنه أَلْقاه فِي الضَّرِيبة.

ومنه قول سُدَيف للسَّفاح:

فَضَع السَّيْف وارْفَع السَّوْط حَتَّى >لا تَرَى فَوقَ ظَهْرِها أُمَوِيا

أي ضَع السَّيف في المَضْروب به وارْفَع السَوْط لِتَضْرب بِه.

وذكر القصة كذلك ابن الأثير المؤرخ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير