تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الطويلة، وهذا مُضر تربوياً، فاعلم أنهم هم المأفونة عقولهم، الذين عاقبة أمرهم إلى الزوال وشأنهم في سِفال، وهذه أفكار ضلال، ولكن هذه الطريقة التي سلكها العلماء وجربوها صاروا بها علماء. ولذلك دعك من هذه النظريات الحديثة التي تقول: إن حشو أذهان الأطفال بالمعلومات مُضر، والمهم أن الولد يفهم. لا. كانوا يحفظونهم المتون ولو فهم الصغير بعد ذلك يستعين بحفظه.

أولويات الحفظ:

ثم نأتي إلى نقطة مهمة، وهي قضية الأولويات في الحفظ، فينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل؛ لأنه أجل العلوم وأولاها بالسبق والتقديم، وهذه طريقة الصحابة ومن بعدهم، كانوا يحفظون الكتاب العزيز. عن الوليد بن مسلم قال: كنا إذا جالسنا الأوزاعي، فرأى فينا حدثاً، قال: يا غلام! قرأت القرآن؟ فإن قال: نعم، قال: اقرأ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء:11]، وإن قال: لا. قال: اذهب تعلم القرآن قبل أن تطلب العلم. وكان يحيى بن يمان إذا جاءه غلام استقرأه رأس سبعين من الأعراف، ورأس سبعين من يوسف، وأول الحديد، فإن قرأها حفظاً حدثه، وإلا لم يحدثه. وقال أهل العلم: وإن أقواماً يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه، وإن كان كل العلوم حسناً، ولكن الأولى تقديم الأهم والأفضل، وأفضل ما تُشوغل به حفظ القرآن الكريم: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282]. فإذا رزقه الله تعالى حفظ كتابه فليحذر أن يشتغل عنه بالحديث أو غيره من العلوم اشتغالاً يؤدي إلى نسيانه، ثم الذي يتبع القرآن من العلوم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه، فيجب على الناس طلبها، إذ كانت أس الشريعة وقاعدتها، قال الله تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]. وكذلك ينبغي انتقاء الأشياء، فإذا أراد أن يحفظ من السنة ينتقي الأحاديث الصحاح الجياد، وأحاديث الأحكام -مثلاً- من الأحاديث الصحاح الجياد، قال أبو حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: اكتب أحسن ما تسمع، واحفظ أحسن ما تكتب، وذاكر بأحسن ما تحفظ. ويبتدئ بسماع الأمهات من كتب أهل الأثر والأصول الجامعة، قال أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله: عجبت لمن ترك الأصول وطلب الفصول. وبعض الطلاب الآن يريد أن يدخل في التفاصيل فقبل أن يحفظ قصيدة رجزية في مصطلح الحديث، يبدأ بحفظ تقريب التهذيب وأسماء الرجال ومراتبهم، وهذا خلل ولا شك. إن أصح كتب الحديث الصحيحان، وبعدهما سنن أبي داود وسنن النسائي، وكذلك سنن الترمذي وغيرهم من أهل العلم رحمهم الله. وينبغي على طالب العلم أن يحفظ من موقوفات الصحابة وأقوالهم؛ لأنها في لزوم العمل بها وتقديمها على القياس ملحقة بالسنن، والموقوفات على التابعين، فيعلم أقوال أهل العلم ولا يشذ عنهم، ويحفظ من أقوال المفسرين ما يلزم في معرفة معاني الآيات، ويحفظ من مغازي وسير النبي عليه الصلاة والسلام في السيرة، ويحفظ كذلك بعد ذلك أشياء ومنها الشعر والحكم والأمثال. هذه طريقة العلماء، لكن نحن الآن إذا قلنا أن الغالب عدم التفرغ، فماذا يفعل الإنسان؟ لو قلنا له: اذهب واحفظ القرآن ثم تعال، ما تسمع منا ولا مسألة فقهية حتى تحفظ القرآن!! الآن هذا لا يُناسب، فينبغي على الطالب في هذا الزمان أن يُقدم كتاب الله في الحفظ، ويحفظ أحاديث، ويحفظ فتاوى العلماء؛ لكي ينقلها إلى الناس ويستفيد منها هو. فنقول: صحيح أن هذه الزمان تضاءلت فيه الهمم، وقلّت الأوقات، وكثرت الشواغل والصوارف، وصحيح أن برنامجاً مثل هذا البرنامج الذي يذكره بعض العلماء في حفظ الأشياء لا يكون متيسراً، لكن نحن نُسدد ونقارب، ولا نقول للشخص: هذه هي الصورة المثالية ولابد أن تفعلها، ونحن نعلم أنه لا يستطيع أن يفعل، وأنه يحتاج لحفظ القرآن ربما خمس عشرة سنة، لا نعلمه مسألة فقهية واحدة في خلال هذه السنوات، هذا غير صحيح.

من أخبار الحفاظ:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير