تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثانية - آية النساء الدالة على تحريمها في أوقات الصلوات، دون الأوقات التي يصحو فيها الشارب قبل وقت الصلاة، كما بين صلاة العشاء وصلاة الصبح، وما بين صلاة الصبح وصلاة الظهر، وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاة وَأَنْتُمْ سكارى} [النساء: 43] الآية.

الثالثة - آية المائدة الدالة على تحريمها تحريماً باتاً، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.

[المائدة: 90: 91].

وهذه الأية الكريمة تدل على تحريم الخمر أتم دلالة وأوضحها. أنه تعالى صرح بأنها رجس، وأنها من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها أمراً جازماً في قوله {فاجتنبوه} واجتناب الشيء: هو التباعد عنه، بأن تكون في غير الجانب الذي هو فيه. وعلق رجاء الفلاح على اجتنابها في قوله: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} يفهم منه - أنه من لم يجتنبها لم يفلح، وهو كذلك.

ثم بين بعض مفاسدها بقوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشيطان أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العداوة والبغضآء فِي الخمر والميسر وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصلاة} [المائدة: 91]. ثم أكد النهي عنها بأن أورده بصيغة الاستفهام في قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} فهو أبلغ في الزجر من صيغة الأمر التي هي «انتهوا» وقد تقرر في فن المعاني: أن من معاني صيغة الاستفهام التي ترد لها الأمر. كقول: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ}، وقوله: {لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الكتاب والأميين أَأَسْلَمْتُمْ} [آل عمران: 20] الآية أي أسلموا. انتهى بتصرف من تفسير أضواء البيان للعلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى 0

ومما يدل أيضا على أباحتها في أول الإسلام وهذا من أعجب القصص التي ذكرت حول الخمر زمن الصحابة رضي الله عنهم وكانت بين حمزة أسد الله وبين علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما وعاين النبي صلى الله عليه وسلم بعض أحداثها وذلك فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما حديث عَلِيٍّ، قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنَ الْمَغْنَمِ، يَوْمَ بَدْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَانِي شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ؛ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بَفَاطِمَةَ، بِنْتِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَاعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغًا، مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعٍ، أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي، فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ الصَّوَّاغِينَ، وَأَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي؛ فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مَتَاعًا مِنَ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ، وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، رَجَعْتُ، حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ، فَإِذَا شَارِفَايَ قَدِ اجْتُبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا، وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا؛ فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ، حِينَ رَأَيْتُ ذَلِكَ الْمَنْظَرَ مِنْهُمَا فَقُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هذَا فَقَالُوا: فَعَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَعَرَفَ النَّبَيُّ صلى الله عليه وسلم، فِي وَجْهِي الَّذِي لَقِيتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا لَكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ، عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتُهُمَا، وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا؛ وَهَا هُوَ ذَا، فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي، وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنُوا لَهُ، فَإِذَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير