تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[قصيدة: رسالة في ليلة التنفيذ لهاشم الرفاعي رحمه الله]

ـ[الاستاذ]ــــــــ[03 - 09 - 05, 09:28 ص]ـ

رسالة في ليلة التنفيذ

الشاعر هاشم الرفاعي


والحبلُ والجلادُ ينتظراني
أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني

مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ
هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ

وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني
لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها

هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني
سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في

والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني
الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ

في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي

دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني
والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ

إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ

عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ
والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ

يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ
ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها

وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ

ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني
أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ

لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ
هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي

ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ
لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً

لو كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني
فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً

يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني
أوْ عادَ-مَنْ يدري- إلى أولادِهِ

معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ
وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها

في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ
قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً

ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ
فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً

كَتموا وكانَ المَوْتُ في إِعْلاني
نَفْسُ الشُّعورِ لَدى الجميعِ وَإِنْ هُمُو

بِالثَّوْرَةِ الحَمْقاءِ قَدْ أَغْراني؟
وَيدورُ هَمْسٌ في الجَوانِحِ ما الَّذي

مثلَ الجُموعِ أَسيرُ في إِذْعانِ؟
أَوَ لَمْ يَكُنْ خَيْراً لِنفسي أَنْ أُرَى

غَلَبَ الأسى بالَغْتُ في الكِتْمانِ؟
ما ضَرَّني لَوْ قَدْ سَكَتُّ وَكُلَّما

ما ثارَ في جَنْبَيَّ مِنْ نِيرانِ
هذا دَمِي سَيَسِيلُ يَجْرِي مُطْفِئاً

سَيَكُفُّ في غَدِهِ عَنِ الْخَفَقانِ
وَفؤاديَ المَوَّارُ في نَبَضاتِهِ

مَوْتي وَلَنْ يُودِي بِهِ قُرْباني
وَالظُّلْمُ باقٍ لَنْ يُحَطِّمَ قَيْدَهُ

شاةٌ إِذا اْجْتُثَّتْ مِنَ القِطْعانِ
وَيَسيرُ رَكْبُ الْبَغْيِ لَيْسَ يَضِيرُهُ

بَشَرِيَّتي وَتَمُورُ بَعْدَ ثَوانِ
هذا حَديثُ النَّفْسِ حينَ تَشُفُّ عَنْ

أَسْمَى مِنَ التَّصْفيقِ ِللطُّغْيانِ
وتقُولُ لي إنَّ الحَياةَ لِغايَةٍ

سَتَظَلُّ تَعْمُرُ أُفْقَهُمْ بِدُخانِ
أَنْفاسُكَ الحَرَّى وَإِنْ هِيَ أُخمِدَتْ

قَسَماتُ صُبْحٍ يَتَّقِيهِ الْجاني
وقُروحُ جِسْمِكَ وَهُوَ تَحْتَ سِياطِهِمْ

وَدَمُ الشَّهيدِ هُنَا سَيَلْتَقِيانِ
دَمْعُ السَّجينِ هُناكَ في أَغْلالِهِ

لم يَبْقَ غَيْرُ تَمَرُّدِ الفَيَضانِ
حَتَّى إِذا ما أُفْعِمَتْ بِهِما الرُّبا

بَعْدَ الْهُدوءِ وَرَاحَةِ الرُّبَّانِ
ومَنِ الْعَواصِفِ مَا يَكُونُ هُبُوبُهَا

أَمْرٌ يُثيرُ حَفِيظَةَ الْبُرْكانِ
إِنَّ اْحْتِدامَ النَّارِ في جَوْفِ الثَّرَى

سَيْلٌ يَليهِ تَدَفُّقُ الطُّوفانِ
وتتابُعُ القَطَراتِ يَنْزِلُ بَعْدَهُ

أقْوى مِنَ الْجَبَرُوتِ وَالسُّلْطانِ
فَيَمُوجُ يقتلِعُ الطُّغاةَ مُزَمْجِراً

أَمْ سَوْفَ يَعْرُوها دُجَى النِّسْيانِ؟
أَنا لَستُ أَدْري هَلْ سَتُذْكَرُ قِصَّتي

مُتآمِراً أَمْ هَادِمَ الأَوْثانِ؟
أمْ أنَّني سَأَكونُ في تارِيخِنا

كَأْسَ الْمَذَلَّةِ لَيْسَ في إِمْكاني
كُلُّ الَّذي أَدْرِيهِ أَنَّ تَجَرُّعي

غَيْرَ الضِّياءِ لأُمَّتي لَكَفاني
لَوْ لَمْ أَكُنْ في ثَوْرَتي مُتَطَلِّباً

إِرْهابَ لا اْسْتِخْفافَ بِالإنْسانِ
أَهْوَى الْحَياةَ كَريمَةً لا قَيْدَ لا

يَغْلي دَمُ الأَحْرارِ في شِرياني
فَإذا سَقَطْتُ سَقَطْتُ أَحْمِلُ عِزَّتي

وَأَضاءَ نُورُ الشَّمْسِ كُلَّ مَكانِ
أَبَتاهُ إِنْ طَلَعَ الصَّباحُ عَلَى الدُّنى

يَوْماً جَديداً مُشْرِقَ الأَلْوانِ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير