وَاسْتَقْبَلُ الْعُصْفُورُ بَيْنَ غُصُونِهِ
تَجْري عَلَى فَمِ بائِعِ الأَلبانِ
وَسَمِعْتَ أَنْغامَ التَّفاؤلِ ثَرَّةً
سَيَدُقُّ بابَ السِّجْنِ جَلاَّدانِ
وَأتى يَدُقُّ- كما تَعَوَّدَ- بابَنا
في الْحَبْلِ مَشْدُوداً إِلى العِيدانِ
وَأَكُونُ بَعْدَ هُنَيْهَةٍ مُتَأَرْجِحَاً
صَنَعَتْهُ في هِذي الرُّبوعِ يَدانِ
لِيَكُنْ عَزاؤكَ أَنَّ هَذا الْحَبْلَ ما
وَتُضاءُ مِنْهُ مَشاعِلُ الْعِرفانِ
نَسَجُوهُ في بَلَدٍ يَشُعُّ حَضَارَةً
بَلَدي الْجَريحِ عَلَى يَدِ الأَعْوانِ
أَوْ هَكذا زَعَمُوا! وَجِيءَ بِهِ إلى
في زَحْمَةِ الآلامِ وَالأَشْجانِ
أَنا لا أُرِيدُكَ أَنْ تَعيشَ مُحَطَّماً
قَدْ سِيقَ نَحْوَ الْمَوْتِ غَيْرَ مُدانِ
إِنَّ ابْنَكَ المَصْفُودَ في أَغْلالِهِ
قَدْ قُلْتَها لي عَنْ هَوى الأوْطانِ
فَاذْكُرْ حِكاياتٍ بِأَيَّامِ الصِّبا
تَبْكي شَباباً ضاعَ في الرَّيْعانِ
وَإذا سَمْعْتَ نَحِيبَ أُمِّيَ في الدُّجى
أَلَمَاً تُوارِيهِ عَنِ الجِيرانِ
وتُكَتِّمُ الحَسراتِ في أَعْماقِها
لا أَبْتَغي مِنَها سِوى الغُفْرانِ
فَاطْلُبْ إِليها الصَّفْحَ عَنِّي إِنَّني
وَمقالِها في رَحْمَةٍ وَحنانِ
مازَالَ في سَمْعي رَنينُ حَديثِها
لم يبقَ لي جَلَدٌ عَلى الأَحْزانِ
أَبُنَيَّ: إنِّي قد غَدَوْتُ عليلةً
بِنْتِ الحَلالِ وَدَعْكَ مِنْ عِصْياني
فَأَذِقْ فُؤادِيَ فَرْحَةً بِالْبَحْثِ عَنْ
يا حُسْنَ آمالٍ لَها وَأَماني
كانَتْ لها أُمْنِيَةً رَيَّانَةً
سَتَبيتُ بَعْدي أَمْ بِأَيِّ جِنانِ
وَالآنَ لا أَدْري بِأَيِّ جَوانِحٍ
بَعْضُ الذي يَجْري بِفِكْرٍ عانِ
هذا الذي سَطَرْتُهُ لكَ يا أبي
بَيَدِ الْجُموعِ شَريعةُ القُرْصانِ
لكنْ إذا انْتَصَرَ الضِّياءُ وَمُزِّقَتْ
مَنْ كانَ في بَلَدي حَليفَ هَوانِ
فَلَسَوْفَ يَذْكُرُني وَيُكْبِرُ هِمَّتي
قُدْسِيَّةِ الأَحْكامِ والمِيزانِ
وَإلى لِقاءٍ تَحْتَ ظِلِّ عَدالَةٍ