تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هُمْ شَرْبٌ فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ مُحْمَرَّةً عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى سُرَّتِهِ، ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ؛ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِي فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَنَكَصَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى وَخَرَجْنَا مَعَهُ 0

ورحم الله الصحابة رضي الله تعالى عنهم إذ كانوا أسرع الأمة استجابة لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ومما يدل على ذلك الموقف الذي جرى عندما حرمت الخمر وذلك فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ، فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلاَ إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ قُتِلَ قَوْمٌ وَهِيَ فِي بُطُونِهِمْ فَأَنْزَلَ اللهُ (لَيْسَ عَلَى الَّذِين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) الآية 0

وقد كان بعض الصحابة يشربون الخمر بعد تحريمها ولكنها لم تمنعهم من البذل والتضحية والفداء في سبيل الله عز وجل ولكن غلبتهم أنفسهم على شربها وهذه قطرة بالنسبة لبحر حسناتهم ولا يحل لنا إلا الترضي عليهم والاتعاظ مما قد يحدث منهم مما لا يخلو منه بشر

فهذا أبو محجن الثقفي الشاعر المشهور الذي كان يقول:

إذا مت فادفني إلى أصل كرمةٍ ... تروي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفنني في الفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها

فبلغ حب شرب الخمر في قلبه كل مبلغ حتى أنه لم يستطع الامتناع عن شربها و كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر فلما أكثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا من المسلمين فأرسل الى أم ولد سعد أو إلى امرأة سعد يقول لها: إن أبا محجن يقول لك إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحاً ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل وأنشأ يقول:

كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا ... وأترك مشدوداً علي وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وغلقت ... مصارع دوني قد تصم المناديا

وقد كنت ذا مال كثير و ثروة ... فقد تركوني واحداً لا أخاليا

فللّه عهد لا أخِيس بعهده ... لئن فرجت أن لا أزور الْحَوَانِيَا

فحلت عنه قيوده وحمل على فرس كان في الدار وأعطى سلاحاً ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق صلبه فنظر إليه سعد فجعل منه يتعجب ويقول: من ذلك الفارس فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى هزمهم الله ورد السلاح وجعل رجليه في القيود كما كان فجاء سعد فقالت له امرأته أو أم ولده: كيف كان قتالكم فجعل يخبرها ويقول: لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلاً على فرس أبلق لولا أني تركت أبا محجن في القيود لظننت أنها بعض شمائل أبي محجن فقالت: والله إنه لأبو محجن كان من أمره كذا وكذا فقصت عليه قصته فدعا به وحل قيوده وقال: والله لا نجلدك على الخمر أبداً. قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبداً كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم. قال: فلم يشربها بعد ذلك.

و قال أبو محجن في تركه الخمر:

رأيت الخمر صالحة وفيها ... خصال تهلك الرجل الحليما

فلا والله أشربها حياتي ... ولا أشفي بها أبداً سقيما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير