تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسلك البيانيين هذا يستجيب لداع منهجي هو "وجوب الاقتصاد" والتقليل ما أمكن من الأقسام لتسهيل الضبط. فرأوا الاستغناء عن قسمي المعهود الذهني والاستغراق لأنهما لا يختلفان عن المعرف بلام الجنس وما يظهر من اختلاف فهو من جهة الاسم والاعتبار لا من جهة الذات والحقيقة.فالمعرف باللام في كل من العهدي والاستغراقي أريد به المفهوم الحاضر والمتعين في الذهن كالمعرف بالجنس تماما غاية ما في الأمر أن المفهوم إن أخذ من حيث هو هو باعتبار حضوره في الذهن وتعهده فيه من غير اعتبار تحققه ووجوده في الخارج فهو المعرف بلام الجنس وإن أخذ من حيث تحققه في الخارج بمعونة القرائن والمقامات فهو المعرف بلام العهد أو لام الاستغراق .... مع ملاحظة الفرق بينهما من حيث درجة التحقق: فالمعهود الذهني هو تحقق المفهوم في بعض غير معين وضده الاستغراقي هو تحققه في الجميع ..... وإنما قلنا أنه متحقق في الجميع فرارا من الترجيح بغير مرجح.

فالماخوذ في كل من الثلاثة أعني المعرف بلام الجنس والمعرف بلام العهد والمعرف بلام الاستغراق هو المفهوم من حيث التعين والحضور في الذهن. والاختلاف يأتي من جهة الاعتبار لا من جهة الذات.

وخلاصة الفرق بين المشهور عند النحويين والمشهور عند البيانيين أن المعرف باللام عند الفريق الأول موضوع بوضع مستقل بإزاء كل معنى من المعاني الاربعة أعني: المفهوم الحاضر في الذهن والفرد غير المعين منه و الفرد المعين وجميع الأفراد .... أما عند الفريق الثاني فهو موضوع لمعنيين فقط أعني: المفهوم الحاضر في الذهن والفرد المعين في الخارج. أما الفرد غير المعين -الذي يقال له حصة غير معينة –وجميع الأفراد فلم توضع لهما اللام وإنما نشأ المعنيان بالاستعمال والقرائن لا من الوضع الأصلي.

ومما تجدر الإشارة اليه في هذا المقام أن البيانيين–على عكس المتوقع- يذهبون إلى أولوية الاستغراق على المعهود الخارجي فهم يرون مثلا أن إرادة جميع الأفراد أقرب حصولا من إرادة بعضها .... ويقولون إن إرادة جميع الأفراد تصح بمجرد تحقق الدليل على وجود المفهوم في الخارج بخلاف بعض الأفراد فإنه لا يصح إرادته بمجرد ذلك الدليل بل لا بد مع ذلك من الدليل على تحقق المفهوم في بعض الأفراد فقط دون الجميع. قال التفتازاني في شرح التلخيص:"أن اللفظ إذا دل على الحقيقة باعتبار وجودها في الخارج فإما أن يكون لجميع الأفراد أو لبعضها إذ لا واسطة بينهما في الخارج فإذا لم يكن للبعضية لعدم دليلها وجب أن يكون للجميع."

القول الثالث لبعض المتأخرين:

مفاده توحيد معنى المعرف باللام .... فله معنى واحد هو المفهوم من حيث حضوره في الذهن وتعهده. أما العهد الذهني والخارجي والاستغراقي فقد نشأت من وجوه تصرف المفهوم وضروب الاستعمال فالقسمة الرباعية أو الثنائية إن كان لها من مبرر فهو داخل النطاق الأسلوبي فقط ...

إجمالا فما قاله أصحاب القول الثاني عن العهد الذهني والاستغراقي فهو قول أصحاب الفريق الثالث عن العهد الخارجي أيضا.

خلاصة ما سبق أن المعرف باللام استعمل في معان أربعة باتفاق جميع أهل اللغة وإنما ظهر الخلاف في الموضوع له اللام: فمنهم من رأى الوضع لها جميعا وهم النحاة ومنهم من رأى الوضع لمعنيين فقط وهم متقدمو البيانيين ومنهم من رأى الوضع لمعنى واحد وهم بعض متأخري البيانيين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير