تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[السحر الحلال من أسجاع الحريري في مقاماته:]

ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 11 - 05, 11:04 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فلا يخفى على طالب الأدب مكانة مقامات الحريري، التي حبّرها فأفاد، ورصّعها فأجاد، وأتى فيها بكل مستحسن من ضروب البلاغة، وكل مستجاد من فنون القول، حتى بذ السابق (1)، وأعجز اللاحق.

وقد رأيت أن أجمع في هذا الموضوع طرفا من أسجاعه المليحة، التي لمعت في أصداف البلاغة دُررها، واتسقت ببراعة البيان فِقَرُها؛ مع شرح لطيف مختصر يفك اللفظ، دون اتساع في القول، ولا انتشار في التوضيح، معتمدا على شرح الشريشي الذي شرح فكفى، وأطنب فوفى.

فدونك - يا طالب الأدب - هذه الأسجاع المنتقاة، لتنسج على منوالها، وتدبج على مثالها.

والله الموفق.

(1) رأيي أن مقامات الحريري أفضل من مقامات البديع في صناعة البلاغة، وفنون البديع، واتساع دائرة اللغة. وإن كان البديع أتقن لصنعة المقامة، وفن وصف النفوس البشرية. والله أعلم.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[17 - 11 - 05, 11:20 م]ـ

قال الحريري في مقدمة المقامات (ص 10 - مع شرح الشريشي (المكتبة الثقافية - بيروت)):

نعوذُ بك من شِرَّة اللَّسَن، وفُضولِ الهَذَر؛ كما نعوذ بك من مَعَرَّة اللَّكَن، وفُضوحِ الحَصَر.

الشرَّة: الحِدَّة. فهو يستعيذ من حدة اللسان.

والفضول: الزوائد. والهذر: كثرة الكلام في غير طائل.

والمعرة: العيب والعار.

واللكن: احتباس اللسان عند الكلام.

والفضوح: الفضيحة.

والحَصر: العي.

وحاصل كلامه أنه يستعيذ من صفتين مذمومتين إحداهما نقيض الأخرى.

فأما الأولى، فهي كثرة الكلام المؤدي إلى التطاول في الجدل، وتصوير الباطل في صورة الحق.

وأما الثانية، فهي عدم القدرة على الكلام، والإفصاحِ عن مكنون الجَنان.

وقد سُبق الحريري إلى هذا المعنى، فقد قال الجاحظ في مقدمة كتابه (البيان):

( .. ونعوذ بك من السلاطة والهذر، كما نعوذ بك من العي والحَصر).

لكن الحريري أتى في هذا المعنى بما يُتعجب من اتساقه، وحسن سبكه.

وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 11:16 ص]ـ

وفي المقدمة أيضا (ص 16):

فأشار مَن إشارتُه حُكم، وطاعته غُنم، إلى أن أنشئ مقامات أتلو فيها تلو البديع، وإن لم يدرك الظالعُ شأو الضليع.

الغنم: الغنيمة.

والظالع: الأعرج.

وسائر الكلمات لا يحتاج إلى شرح.

وتأمل التجانس البديع في هذه الألفاظ.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 11:29 ص]ـ

وفيها أيضا (ص 23):

كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادعِ مارنَ أنفِه بكفه

أما الفقرة الأولى فمثل من أمثال العرب المشهورة، وأصله أن عنزة كانت لقوم فأرادوا ذبحها فلم يجدوا شفرة، فنبشت بظلفها في الأرض فاستخرجت منها شفرة فذبحوها وقالوا: (بحثت عن حتفها بظلفها) فسارت مثلا.

قال الشاعر:

وكانت كعنز السوء قامت بظلفها ... إلى مدية تحت الثرى تستثيرها

وقال أبو الأسود:

فلا تك مثل التي استخرجت ... بأظلافها مدية أو بفيها

فقام إليها بها ذابح ... ومن يدعُ يوما شَعوبا يجيها

(شَعوب: الموت).

والجدْع: قطع الأنف.

والمارِنُ: طرف الأنف

وهو يشير إلى قصة قصير مولى جذيمة الأبرش وهي طويلة مشهورة.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[18 - 11 - 05, 11:33 ص]ـ

وفيها (ص 24):

لا أكاد أخلص من غُمر جاهل، أو ذي غِمر متجاهل.

الغُمر: الجاهل.

والغِمر: الحقد والعداوة.

أي لا أخلص إما من جاهل بعيبني لجهله، وإما من حاقد مستعمل للجهل وهو على خلافه.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[19 - 11 - 05, 11:15 ص]ـ

وفي المقامة الأولى وهي الصنعانية (ص29):

يطبع الأسجاعَ بجواهر لفظه، ويَقرعُ الأسماعَ بزواجرِ وعظِه.

يطبع الأسجاع: أي يرتبها وينمقها.

والأسجاع الكلام المفقر الذي له قافية كقافية الشعر.

ويقرعُ: يضرب.

والزواجر: النواهي.

وقد احتفى البلاغيون المتأخرون بهذه السجعة، وذكروها مثالا للسجع المرصع، وهو أحد أقسام السجع الثلاثة.

قال صاحب التلخيص عن السجع:

(وهو مطرف إن اختلفتا - أي الفاصلتان - في الوزن نحو: (مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا)، وإلا فإن كان ما في إحدى القرينتين أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن والتقفية فترصيع، نحو: (فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه ويقرع الأسماع بزواجر وعظه) وإلا فمتواز نحو: (فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة)).

(انظر شروح التلخيص 4/ 446 - 448).

وراجع المشاركة 27 من هذا الرابط:

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=33258&highlight=%C7%E1%C3%D3%CC%C7%DA+%C8%CC%E6%C7%E5%D1 +%E1%DD%D9%E5

.

ـ[عصام البشير]ــــــــ[19 - 11 - 05, 11:21 ص]ـ

وفيها أيضا (ص 29):

أحاطتْ به إحاطة الهالة بالقمر، والأكمام بالثَّمَر.

الهالة هي الدارة حول القمر من نوره، (والطفاوة الدارة حول الشمس، والساهور هو غلاف القمر الذي يستتر فيه ما نقص منه - من شرح الشريشي).

والأكمام جمع كم وهو الغلاف الذي يشق عن الثمر ويحيط به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير