وقصد السائل: هل يجتمع الأمران معا، بأن يكون التشبيه بليغا ومقلوبا في آن واحد؟
لستُ أرى من ذلك مانعا، لكن لم أقف بعدُ على نقل عن أهل الاختصاص.
فليحرر.
ماذكره شيخنا عصام توضيح جيد لمراد السائل. وما ذكره عن قلة النصوص التي بحثت مسألة اجتماع التشبيهين وارد بل إن مبحث التشبيه المقلوب وحده لم يقتل بحثا فضلا عن البحث في اجتماعه بالتشبيه البليغ الذي اختلف في شانه اختلافا كبيرا ولم تجتمع كلمتهم على طبيعته كما اجتمعت في جل أبواب البيان الأخرى.
فتلقيب التشبيه بالبليغ يثير الفضول: كيف سمي هذا النوع تشبيها بليغا مع أن البلاغة لقب لجميع الأبواب ....... وهل يؤخذ بالمفهوم هنا ويقال أن الأنواع الأخرى ليست بليغة أو أقل بلاغة على أحسن تقدير؟
يظهر -والله أعلم- أن هذه التسمية تكشف عن أزمة تصنيف وليست حكما بلاغيا ... أعنى أن البيانيين ترددوا في طبيعة هذا التشبيه المحذوف وجهه وأداته فمن نظر إلى حضور الطرفين -أي انفصال الذاتين- سماه تشبيها ....... ومن نظر إلى معنى الادعاء سماه استعارة ... وحاول فريف ثالث الجمع بين المذهبين فجاءت التسمية بالبليغ كصيغة لمرتبة متوسطة بين التشبيه والاستعارة فكأنه خرج من دائرة التشبيه ولم يصل إلى دائرة الاتحاد التام في الاستعارة. ولما تقرر عندهم أن الاستعارة أبلغ من التشبيه فضلوا خلع هذا الوصف على هذا التشبيه تنبيها على وضعه التوسطي .....
هذا والتشبيه المقلوب عندما يتحد بالتشبيه البليغ سيزيد المسالة تعقيدا ..... لأن درجة الادعاء هنا ستزداد ..... وربما وصلت إلى درجة الافتعال والفجاجة .......
ثم هنا أمر آخر وهو أن التشبيه المقلوب يكون في الغالب مركبا من مبتدإ وخبر .... ومن الممكن انكاره في كل مناسبة بدعوى تقديم الخبر لا قلب التشبيه ..
ففي بيت أبي تمام الذي استشهد به شيخنا وقال عنه أن السبكي نص على أنه من التشبيه المقلوب يمكن أن يعارض بقولنا إن "لعاب الأفاعي "خبر فيؤول إلى تشبيه عادي ...
وأما آية الربا فيمكن حملها على تشبيه عادي أيضا لأن الربا مضمون الربح والبيع مظنون الربح فقط فيكون التشبيه غير مقلوب أي تشبيه المشكوك بالمتيقن ....
يبقى الفيصل في المسالة:أيهما أبلغ؟ وجواب ذلك عند أهل الذوق.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[28 - 11 - 05, 09:29 م]ـ
أحسنتم أجمعين.
تعليق الشيخ أبي عبد المعز طيب ومفيد.
والكلام على التشبيه والاستعارة طويل الذيل، ولعل الشيخ - وفقه الله - ينشط لبسطه أكثر.
والاحتمال المذكور في كلامه على بيت أبي تمام وارد بلا شك، وإن كان حمله على قلب التشبيه أحلى وأجمل.
والله أعلم.