فهذه أمثلة من هذا النوع تنبه على بقيته ان شاء الله تعالى
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[28 - 02 - 06, 08:38 ص]ـ
العلة الثالثة وهي الجهل بالإعراب ومعاني كلام العرب 25ب ومجازاتها وذلك أن كثيرا من رواة الحديث قوم جهال بلسان العرب لا يفرقون بين المرفوع والمنصوب والمخفوض ولعمري لو أن العرب وضعت لكل معنى لفظا يؤدي عنه لا يلتبس بغيره لكان لهم عذر من ترك تعلم الإعراب ولم يكن لهم حاجة اليه في معرفة الخطأ من الصواب
ولكن العرب قد تفرق بين المعنيين المتضادين بالحركات فقط واللفظ واحد ألا ترى أن الفاعل والمفعول ليس بينهما أكثر من الرفع والنصب فربما حدث المحدث بالحديث فرقع لفظة منه ينوي بها أنها فاعلة ونصب أخرى ينوي بها أنها مفعولة فنقل عنه السامع ذلك الحديث فرفع ما نصب ونصب ما رفع جهلا منه بما بين الأمرين فانعكس المعنى الى ضد ما أراده المحدث الأول
ألا ترى أن قوله صلى الله عليه وسلم لا يقتل قرشي صبرا بعد اليوم اذا جزمت اللام من يقتل كان له معنى واذا رفعت كان له معنى آخر
ولو أن قارئا قرأ هو الأول والآخر ففتح الخاء لكان قد كفر وأشرك بالله واذا كسر الخاء آمن ووحد فليس بين الإيمان والكفر غير حركة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم رحم الله امرأ أصلح من لسانه وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعلموا الفرائض والسنة واللحن كما تتعلمون القرآن
واللحن اللغة قال الشاعر ... وما هاج هذا الشوق الا حمامة ... تبكت على خضراء سمر قيودها ...
... صدوح الضحى معروفة اللحن لم تزل ... تقود الهوى من مسعد ويقودها ...
وكذلك قوله تعالى هو الله الخالق البارئ المصور ليس بين الإيمان والكفر فيه غير فتح الواو وكسرها وكذلك قوله تعالى ويل يومئذ للمكذبين
ولو أن رجلين تقدما الى حكم يدعي أحدهما على صاحبه بثوب فقرره الحكم على ذلك فإنه ان قال ما أخذت له ثوب فرفع أقر ان لم تعم عليه به بينة
وكذلك لو قال رجل لامرأته أنت طالق ان دخلت الدار فانه ان فتح الهمزة طلقت عليه في ذلك الوقت 26أ دون تأخير وان كسر الهمزة لم تطلق عليه في ذلك الوقت وانما تطلق عليه فيما يستقبل ان كان منها دخول في الدار
ويروى أن الكسائي رحمه الله كتب اليه ما تقول في رجل قال ... فان ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وان تخرقي يا هند فالخرق أشأم ...
... فأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم ...
فقال الكسائي رحمه الله إن كان رفع العزيمة ونصب الثلاث فهي ثلاث تطليقات وان كان نصب العزيمة ورفع الثلاث فهي واحدة يريد أنه اذا رفع العزيمة ونصب الثلاث صار التقدير فأنت طالق ثلاثا والطلاق عزيمة على التقديم والتأخير واذا نصب العزيمة ورفع الثلاث لم ينو ثلاث التقديم وصار التقدير فأنت طلاق وتم الكلام ثم قال والطلاق في حال عزيمة المطلق عليه ثلاث فلم يكن في هذا الكلام ما يدل على أن هذا المطلق عزم على الثلاث فيقضى عليه بواحدة
وقد يمكن أيضا أن يرفع الثلاث والعزيمة معا فيكون التقدير فأنت طالق ثلاث والطلاق عزيمة فيلزم من ذلك ثلاث تطليقات والله أعلم
ـ[أبو ثغر]ــــــــ[28 - 02 - 06, 08:39 ص]ـ
العلة الرابعة
وهي التصحيف وهذا أيضا باب عظيم الفساد في الحديث جدا وذلك أن كثيرا من المحدثين لا يضبطون الحروف ولكنهم يرسلونها ارسالا غير مقيدة ولا مثقفة اتكالا على الحفظ فاذا غفل المحدث عما كتب مدة من زمانه ثم احتاج الى قراءة ما كتب أو قرأءه غيره فربما رفع المنصوب ونصب المرفوع كما قلنا فانقلبت المعاني الى أضدادها
وربما تصحف له الحرف بحرف آخر لعدم الضبط فيه فانعكس المعنى الى نقيض المراد به وذلك أن هذا الخط العربي شديدالاشتباه وربما لم يكن بين المعنيين المتضادين غير الحركة أو النقطة كقولهم مكرم بكسر الراء اذا كان فاعلا ومكرم بفتح الراء اذا كان مفعولا ورجل أفرع بالفاء اذا كان تام الشعر واقرع القاف لا شقر في رأسه وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرع وقد جاءت من هذا الباب أشياء كثيرة طريفة عن المحدثين نحو ما يروى عن يزيد بن 26ب هارون أنه روى كنا جلوسا حول بشر بن معاوية وانما هو حول سرير معاوية
وكما روى عبد الرزاق يقاتلون خور كرمان وانما هو خوز الزاي معجمة
وكما صحف شعبة التلب العنبري فرواه بثاء مثلثة مكسورة ولام ساكنة وانما هو التلب بالتاء معجمة باثنتين وكسر التاء واللام وتشديد الباء على وزن طمر ويدل عليه قول الشاعر ... ان التلب له عرس يمانية ... كأن فسوتها في البيت اعصار ...
وروى بعضهم دخلت الجنة فرأيت فيها حبائل اللؤلؤ ولا وجه للحبائل ههنا لأن الحبائل عند العرب الشباك التي يصاد بها الوحوش واحدتها حبالة ومن كلام العرب خش ذؤالة بالحبالة وانما هو جنابذ اللؤلؤ والجنابذ جمع جنبذة وهي القبة وهذا النوع كثير جدا وقد وضع فيه الدارقطني رحمه الله كتابا مشهورا سماه تصحيف الحفاظ
ومن ظريف ما وقع منه في كتاب مسلم ومسنده الصحيح نحن يوم القيامة على كذا انظر وهذا شيء لا يتحصل له معنى وهكذا نجده في أكثر النسخ وانما هو نحن يوم القيامة على كوم والكوم جمع كومة وهو المكان المشرف فصحفه بعض النقلة فكتب نحن يوم القيامة على كذا فقرأ من قرأ فلم يفهم ما هو فكتب في طرة الكتاب انظر يأمر من قرأ الكتاب بالنظر فيه وينبهه علنه فوجده ثالث فظنه أنه من الكتاب فألحقه بمتنه
¥