اللؤلؤ والمرجان وأغلت ثمن الحصى والصخر.
ومن يكنْ الغرابُ له دليلا يمرُّ به على جيفِ الطيورِ
فمن كانت له دعوة مستجابة. فليقل فى ساعة الإجابة. يا رياح اقلعيه. ويا أرض ابلعيه. وأريحى العباد من شروره. واستريحى من زهوه وغروره.
وقد ناب عنه من كان من الرياء وافر المحصول. ممن ركل بكلتا رجليه كتب الفروع والأصول. ومزَّق القاموسَ المحيط ومختارَ الصحاح ولسانَ العرب. وحرَّق صبح الأعشى وعيون الأخبار ونهاية الأرب. فهو عدو الأدب والأدباء. وذبابة طمعٍ وأدواء. مفلس من الدين والعقل. وعدو للسمعيات والنقل.
كأنَّه هامانُ إلا أنَّه يبنى صروحَ الجهلِ والفحشاءِ
فمن سمعه فليتعوذ باللَّه من الخبث والخبائث. وليستعن باللَّه على طارقات الحوادث.
وتولى بقية المناصب من قال بتناسخ الأديان. وأجاز التعبد بأعراف الدبلوماسية وقرارات حقوق الإنسان. وجهر بتفضيل أرسطو وافلاطون على البصرى والنخعى. ونادى بإحياء تراث هولاكو ونابليون وإبطال فقه مالك والشافعى. وعلت الأوباشُ المنابر والكراسى. واستوى الأعمى والبصيرُ والذاكرُ والناسى. وكان الامتحانُ من جامع البيان والنسفى ومراقى السعود. فصار من أناجيل النصارى وتلمود اليهود. وكُذب القائلون أنَّ الصدق فضيلة. وقيل لابد من النفاق لتولى المناصب الجليلة. ونسى الجميعُ حقَّ اللَّه وعظَّموا شأن القوت. وصارت بطونُهم أوسع من بطن الحوت. ونبذوا فقه مالكٍ وأحمد والشافعى وأبي حنيفة. فهؤلاء موتى فكيف ينتفع الحىُّ بجيفة!. واعتقدوا أنهم العباقرة فى تقدير أنفسهم والحسبان. وكل من عداهم فكمٌ مهملٌ فى زوايا النسيان.
وأعوروا عيون أهل الحل والعقد. ونطقوا بتوقير البخل وأبطلوا زكاة النقد. وتلوْا آياتِ القرآن بالتبديل. وحرفوه عن مواضعه فى محكم التنزيل. ومالوا بدلائله وبراهينه إلى مسالك مسدودة. وشروه بثمن بخسٍ دراهم معدودة.
وصار التشبه بأهل الإلحاد قصداً مقصودا. والانحراف عن طرائق الإرشاد نهجاً مورودا. وأمسى التزلف لحضارة الغرب واجبا. وأضحى لأجل ذلك وجه الإيمان شاحبا. واستنصر المتفيهقون بكل ملعونٍ وطريد. واستفتحوا وخاب كلُّ جبارٍ عنيد. وباعوا فى سوقٍ قد خلت إلا منهم القطران فى صورة العنبر. وقد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر.
ويحكم! ماذا تبغون. وبأى نقدٍ دين اللَّه تبيعون. أتجحدون ميثاق اللَّه. أم تريدون أن تطفئوا نور اللَّه. فاللَّه متمُّ نورِه ولورغمت الأنوف. ومتبِّرٌ ما أنتم فيه ولو عظُمت الزيوف.
هل تطمسون من السماء نجومها بأكفكم أو تسترون هلالَها
أو تجحدون مقالةً من ربكم جبريل بلَّغها النبىَّ فقالَها
حفظ الأوائل للشريعة قدرها وأتيتُمُ فأردتُمُ إبطالَها
تباً لهاتيك الأيادى الجائرة قطع الإلهُ يمينَها وشمالَها
والعجب من أهل الإيمان كيف يسمعون لمن نهى منهم وزجر. وعندنا فى الكتاب من أنباءهم مزدجر. فسورة البقرة قد هتكت الحجاب عن خفايا قلوبهم وما يضمرون.] فى قلوبهم مرض فزادهم اللَّه مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون [. وبراءة حذَّرت من الوقوع فى شباك الفتنة التى نصبوها للمؤمنين.] ويحلفون باللَّه ليرضوكم واللَّه ورسوله أحقّ أن يرضوه إن كانوا مؤمنين [. وسورة المنافقون شهدت على كذبهم وصرَّحت بإفكهم وما يصنعون.] هم العدو فاحذرهم قاتلهم اللَّه أنى يؤفكون [.
فيا أهلَ الإيمان! قابلوهم بما يُتلى عليكم فى آياتِ الكتاب.] ذلك بأنهم شاقوا اللَّه ورسوله ومن يشاقق اللَّه ورسوله فإن اللَّه شديد العقاب [. وإذا لقيتموهم فتعوذوا منهم بخواتيم القرآن. فإنهم أبعد الخلق عن بنى البشر وأقربهم شبهاً بالشياطين والجان.
وقد أجاد الشهابُ الخفاجى. الذى اعتلى من الأدب برجَه العاجى. فقد قابله أشباهُ هؤلاء بكيدهم. فقال متأففاً من جهلهم ومكرهم:
رأيتُ الدَّهرَ يرفعُ كلَّ وَغْدٍ ويخفضُ كلَّ ذى شِيْمٍ شَرِيفَةْ
كَمِثْل البَحْرِ يَغْرَقُ فيه حَىٌّ ولا ينفكُ تطفو فيه جِيفَةْ
أو الميزانِ يخفضُ كلَّ وافٍ ويرفعُ كلَّ ذى زِنَةٍ خَفِيفَةْ
فالحمد للَّه الذى جعل الدنيا الخافضة الرافعة للسفل الأنذال. لا تستقر على حالٍ فتسلم من الفناء والزوال. فمثل قوله أقول. ولى فى ساحة العذر فضول. والسلام على من اتَّبع الهدى. فمن جانب أمثال هؤلاء اهتدى.
ولما فرغ الراوى من الإدلاء بشكايته. قال قد بثثتُك بعض ما عندى من الداء وعلته. وقد أجزتك أن تروى عنى كلَّ ذلك. وأن تبلِّغه أهل الإيمان كذلك. على ألا تنسبها إلىَّ بوصفٍ ولا تسميَّة. فلى ولك مندوحة فى التوريَّة. فقد سرَّنى أن أكون مجهولا. كما سرَّ المنافق أن يكون مشهورا. وادع لى ألا يحرمنى اللَّه من واسع عفوه وسابغه. وألا يجعلنى كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه. فقلت: سمعاً لك وطاعة. وقانى اللَّه وإيَّاك أشراط السَّاعة. فقد مضت أكثرُها منذ أزمانٍ ونحن بانتظار الطارق. كالدابة والدجال وطلوع الشمس من المشارق. ورزقنى وإيَّاك البصيرة الناقدة. وصرف عنا أذى العيون الحاسدة. وبصَّرنا سبل المهتدين. ودفع عنا كيد المفسدين. ممن ينسب إلى علمٍ لا ينفع. ويحمل بين ضلوعه قلباً لا يخشع. ويتيمم بغسالة نعل السلطان ويزعم أنَّه الماء الطهور. ويطوف بالقبور ويقبل الأعتاب ويعتقد أنهما كالمقام والبيت المعمور. إنَّه مجيب الدعاء. واسع الفضل والعطاء.
تمت المقامة المسمَّاة ب {تلقيح الفهوم بمساوئ علماء الرسوم}
أو {الشكاية بمظاهر إنحراف علماء الوقت عن طرق الهداية}
¥