ـ[أ / زينب الراجحي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 08:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو حفص السكندرى]ــــــــ[21 - 01 - 06, 11:51 م]ـ
قال الجاحظ:
- يطيبُ العيشُ أن تلقى حليماً ... غذاهُ العلمُ والرأيُ المصيبُ
- ليكشفَ عنكَ حليةَ كلِّ ريبٍ ... وفضلُ العلمِ يعرفُه الأريبُ
هذه هى المقامة الثانية للشيخ أبي محمد أحمد بن شحاته الألفي نسأل الله أن يجزل له الثواب
احذر دعاة الضلالة .. لا يقذفوك فى جهنم
قال إمام المحدثين أبو عبد الله البخارى فى باب: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة من ((كتاب الفتن)):
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا ابن جابر حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة ابن اليمان يقول: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟، قَالَ:] نَعَمْ [، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟، قَالَ:] نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ [، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟، قَالَ:] قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ [، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟، قَالَ:] نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا [، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ:] هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا [، قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟، قَالَ:] تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ [، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ؟، قَالَ:] فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ [.
* * * * *
دعى داعٍ. وسعى ساعٍ. لا أنجح الله مساعيه. ولا أقرَّ عينَه ببلوغ أمانيه. إذ قام على باب جهنم داعياً إلى الضلالة والردى. ويزعم أنه قد رزق التوفيق واهتدى. فما قام ليدعو إلى المنهج القويم. ولكن ليصرف الوجوه عن الصراط المستقيم. وسيعلم الناعق حين ينكشف الغطاء. أن دعوته كانت سراباً بقيعةٍ يحسبه الظمآنُ ماء. ولولا أنه قد خلا له الجو. ما كان بمسموع الصوت بأرضٍ ولا جوّ.
يا لكِ من قُبَّرةٍ بمعمرِ خلا لكِ الجوُّ فبيضى واصفرى
ونقِّرى ما شئتِ أن تنقِّرى قد رُفع الفخُّ فماذا تحذُرى
لا بد يوماً أن تُصَادى فاصبرى!
وأظنك أيها الداعى الغبى. الذى يظن أنه الأصمعى. قد غرَّك رهطٌ احتفوا بك فى مجلسك. وألقوْا السمع إلى هَوَسِك. يصدقونك فى كل هَذَر. ويصوبونك فى كل ما تأتى وتذرّ. ويطئون عَقِبَك فى المسير. ويأتمرون بأمرك فى الجليل والحقير. ويعظِّمونك فى الخطاب. ويمثِّلونك بذوى الألباب. ويلقِّبونك بالإمام اللوذعى. ويرفعونك فوق رتبة الشافعى. وأظنك لم تقارع الأبطال اللهاميم. ولم يدفع بك إلى فارسٍ يعركك عَرْك الأديم. فظننت لجدك العاثر بنفسك الظنون. ورسخ فى دماغك هذا الجنون. ولم تُرزق لشئوم حظِّك ناصحاً رحيماً. ولا مرشداً بأدواء النفوس عليماً. يصرفك عن هواك وعصبيتك. ويحثُّك على التوبة من خطيئتك. ويرشدك إلى المناهج السويَّة. ويلحقك بذوى الآداب المرعيَّة. ويوقظك من غَفَلاتك ويقول:
أراك على شفا خطرٍ مهولِ بما آذيت راسَكَ من فُضولِ
ألم تعلم أنه فيما حولك فحولٌ ولكنهم صامتون. ونحاريرُ علمٍ ولكنهم متواضعون. لا يُشقُّ لهم غُبَار. ولا يُجرى معهم فى مِضْمَار. فإن كنت رأيت نفسك فوق الكلّ. فما أشبهك بضلِّ ابن ضل. أنفٌ فى السماء وإستٌ فى الماء. فلا يغْررُك ما أقامك أشياعُك فيه. فإنَّ قدركَ لا يخفى على العاقلِ النبيه.
ألم تعلم أن من لم يأمن مع الدَّعْدَعة سُرعة العِثار. ويحتاج إلى مصباحٍ يهديه فى ضوء النهار. أنَّه إذا سابق فى المضمار العِتَاق الجياد. وناضل عند الرِّهَان ذوى البأس الشداد. فقد جعل نفسه سخرةً للساخرين. وأضحوكةً للضاحكين وغرضاً للسهام. وكرةً بين الأقدام.
فأقبلْ منِّى النصيحة. واتقِ الخزى والفضيحة.] إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر [. لا من كان ضبَّ العشيَّات وحِرْباء الظَّهائر. ولا يُستفتى من ركب بحرَ الأهوال. حتى وصل إلى ساحل الضلال. ولا من أمعن السير فى التِّيه حتى لم يجد للهداية طرقا. فإن المُنْبَتَ لا طريقاً قطع ولا ظهراً أبقى. ولا من تأبط كتباً أفطر عليها الجُرْذان. وافتخر بحيازته إيَّاها ونادى وأسمع الآذان:
هى كتبى فليس تصلُحُ من بعدى لغير العطَّارِ والإسكافى
هى إمَّا مزاودُ للعقاقيرِ وإمَّا بطائنُ للخِفافِ
فلله درُّ القائل. حزناً على الكرام الأوائل:
خلتْ الدِّيارُ فلا كريمٌ يُرتجَى منه النوالُ ولا مليحٌ يعشقُ
ومن العجائب أنَّه لا يُشترى ويُخانُ فيه مع الكساد ويُسرقُ
فإن لم يكن عندك شئٌ من خبرك. فلأمرٍ ما تلطَّف العارفون فى أمرك. فقد جال فيك الصِّدقُ جولةً فأرْدَاك. ولو كانت منه جولاتٌ لأسلمك إلى مثواك. وأنبأنا أن الدين عُدل به عن نبلاء المحسنين. إلى الدخلاء الأمِّيين.] الذين لايعلمون الكتاب إلا أمانى [. ولايُدركون بأفهامهم إلا المَرئى. فحديثهم ملئٌ بالعجز والتشغيب. والحيدة عن القياس المصيب.
فلا تكن كمن أسلمته ملائكةُ الموت إلى منكرٍ ونكير. وهما أديَّا أمانتَهما إلى مالكٍ خازنِ السعير. ولا تلقى بيدك إلى التهلكة والفساد. واسمع نصيحتى ولا تتمادى فى العناد. فإن عدت إلى رشدك فأنا لك صديق. وقانا الله وأهل الإسلام مزالق الطريق.
تمت المقامة المسمَّاة بـ {احذر دعاة الضلالة .. لا يقذفوك فى جهنم}.
¥