وَجَد الفَرَزْدَق أَتْعِسْ بِهِ «•» وَدَق خَيَاشِيمه الجَنْدَل
فأنشأ الفرزدق يقول:
بَلْ أَرْغَمَ اللهُ أَنْفًا أَنْتَ حَامِلُه «•» يَا ذَا الخَنَا وَ مَقَالَ الزُّورِ وَالخَطَل
مَا أَنْتَ بِالحَكَم الْتُرْضَى حُكُومَتُه «•» وَلاَ الأَصِيلِ وَلاَ ذِي الرَّأْيِ وَالجَدَل
فغضب جرير وقال أبياتاً، ثم وثب وقبل رأس الأعرابي وقال: يا أمير المؤمنين جائزتي له، وكانت كل سنة خمسة عشر ألفاً، فقال له عبد الملك: وله مثلها مني.
ومن طريف الشعر قول جرير بن الخطفي في الفرزدق:
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أَنْ سَيَقْتُلُ مَرْبعًا «•» أَبْشِرْ بطُولِ سَلامَةٍ يا مَرْبَعُ
ومن جميل الشعر قول أبي ذؤيب الهذلي
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِها تَتَوَجَّعُ «•» والدَّهْرُ ليسَ بِمُعْتِبٍ مَنْ يَجْزَعُ
قالتْ أُمَيْمَةُ: ما لِجِسْمِكَ شاحِباً «•» مُنْذُ ابْتُذِلْتَ و مثلُ مالِكَ يَنْفَعُ
أَمْ ما لِجَنْبِكَ لا يُلائِمُ مضْجَعاً «•» إِلاَّ أَقَضَّ عَليكَ ذَاكَ المضْجَعُ
فأَجَبْتُها: أَمَّا لجِسْمي أَنَّهُ «•» أَوْدَى بَنِيَّ منَ البلادِ فَوَدَّعُوا
أَوْدَى بَنِيَّ و أَعْقَبونِي غُصَّةً «•» بَعْدَ الرُّقَادِ و عَبْرَةً لا تُقْلِعُ
سَبَقوا هَوَيَّ و أَعْنقُوا لِهَواهُمُ «•» فَتُخُرِّموا، و لكلِّ جَنْبٍ مَصْرَعُ
فَغَبَرْتُ بَعْدَهُمُ بِعَيش ٍناصِبٍ «•» وإِخالُ أَنِّي لاَحِقٌ مُسْتَتْبَعُ
و لقد حَرَصْتُ بأَنْ أُدافِعُ عنهمُ «•» فإِذا المَنيَّةُ أَقْبَلَتْ لا تُدْفَعُ
و إِذَا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظفارَها «•» أَلْفَيْتَ كلَّ تَمِيمةٍ لا تَنْفَعُ
فالعَيْنُ بعدَهُمُ كأَنَّ حِدَاقَها «•» سُلِمَتْ بِشَوْكٍ فَهْيَ عُورٌ تَدْمَعُ
حتى كأَنِّي للحَوادِثِ مَرْوَةٌ «•» بِصَفا المُشَرَّقِ كُلًّ يوم تُقْرَعُ
و تَجَلُّدِى لِلشَّامِتِينَ أُرِيهِمُ «•» أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لا أَتضَعْضَعُ
و النَّفْسُ راغِبَةٌ إِذَا رَغَّبْتَها «•» وإِذَا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقْنَعُ
ولَئِنْ بِهِمْ فَجَعَ الزَّمانُ و رَيْبُهُ «•» إِنِّي بِأَهْلِ مَوَدَّتِي لَمُفَجَّعُ
كَمْ مِنْ جَمِيعِ الشمْلِ مُلْتَئِم القُوَى «•» كانوا بعَيْشٍ قَبْلَنا فَتَصدَّعُوا
و الدَّهْرُ لا يَبْقَى عَلَى حَدَثانِهِ «•» جَوْنُ السَّرَاةِ لهُ جَدَائِدُ أَرْبَعُ
صَخِبُ الشَّوارِبِ لا يَزَالُ كأَنَّهُ «•» عَبْدٌ لآِلِ أَبي رَبيعَةَ مُسْبَعُ
أَكَلَ الجَمِيمَ و طاوَعَتْهُ سَمْحَجٌ «•» مِثْلُ القَناةِ وأَزْعَلَته الأَمْرُعُ
بِقَرَارِ قِيعانٍ سَقاها وَابِلٌ «•» وَاهٍ، فَأَثْجَمَ بُرْهَةً لا يُقْلِعُ
فَلَبِثْنَ حِيناً يَعْتَلِجْنَ بِرَوْضِهِ «•» فَيُجِدُّ حِيناً في العِلاَجِ ويَشْمَعُ
حتَّى إِذَا جَزَرَتْ مِياهُ رُزُونِهِ «•» وبأَيِّ حِينِ مَلاوَةٍ تَتقَطَّعُ
ذكَرَ الْوُرُودَ بها وشَاقَى أَمْرَهُ «•» شُؤْمٌ وأَقْبَلَ حينُهُ يَتَتَبَّعُ
فَافْتَنَّهُنَّ مِنَ السوَاءِ و ماؤُهُ «•» بَثْرٌ، وعانَدَهُ طرِيقٌ مَهْيَعُ
فكأَنَّها بالجِزْعِ بَيْنَ نُبايعٍ «•» وأُولاَتِ ذِي العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ
وكأَنَّهُنَّ رِبابةٌ وكأَنَّهُ «•» يَسَرٌ يُفِيضُ على القِدَاحِ ويَصْدَعُ
وكأَنَّما هُو مِدْوَسٌ مُتقَلِّبٌ «•» في الكَفِّ إِلاَّ أَنَّهُ هُوَ أَضْلَعُ
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رَابىءِ الـ «•» ضُّرَباءِ فَوقَ النَّظْمِ لا يَتَتَلَّعُ
فَشَرَعْنَ في حَجَرَات عَذْبٍ بارِدٍ «•» حَصِبِ البِطاحِ تَغِيبُ فيه الأَكرُعُ
فَشَرِبْنَ ثمَّ سَمِعْنَ حِسًّا دُونَهُ «•» شَرَفُ الحِجابِ ورَيْب قَرْعٍ يُقْرَعُ
ونَمِيمَةً مِنْ قانِصٍ مُتلَبَّبٍ «•» في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ
فَنَكِرْنَهُ و نَفَرْنَ و امْتَرَسَتْ بهِ «•» سَطعَاءُ هَادِيةٌ وهادٍ جُرْشَعُ
فَرَمَى فأَنْفَذ مِنْ نَجُودٍ عائِطٍ «•» سَهْماً، فَخَرَّ ورِيشُهُ مُتَصَمِّعُ
فَبَدَا لَهُ أَقْرَابُ هَذَا رَائغاً «•» عَجِلاً، فَعَيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ
فَرَمَى فأَلْحَقَ صاعِدِيًّا مِطْحَراً «•» بالكَشْحِ فاشْتَمَلَتْ عليهِ الأَضْلُعُ
فأَبَدَّهُنْ حُتُوفَهُنَّ فَهارِبٌ «•» بِدمائِهِ أَو بارِكٌ مُتَجَعْجَعُ
يَعْثُرْنَ في حَدِّ الظُّباتِ كأَنَّما «•» كُسِيَتْ بُرُودُ بَنِي تَزِيدَ الأَذْرُعُ
¥