أبو هلال العسكري في الأوائل، أخبرنا غير واحد أن الزبرقان بن بدر لقي الحطيئة فقال: من أنت؟ فقال: أنا حسب موضوع أبو مليكة. فقال له الزبرقان: إني أريد وجهاً نصر إلى منزلي، وكنْ هناك حتى أرجع ففعل، فأنزلته امرأة الزبرقان وأكرمته، فحسده بنو عمه بنو لأي فدسوا إلى الحطيئة فقالوا: إن تحولت إلينا أعطيناك مائة ناقة ونشُد إلى كل طنب من أطناب بيتك حلة تحويه، وقالوا لامرأة الزبرقان: إنما قدم الزبرقان هذا الشيخ ليتزوج ابنته فقدح ذلك في نفسها، فلما أراد القوم النجعة تخلف الحطيئة وتغافلت المرأة، فاحتمله القريعيون ووفوا له بما قالوا، فأخذ في مدحهم وهجا الزبرقان فقال:
أزمعت يأساً مبيناً من نوالكم «•» ولا يرى طاردًا للحر كالياسي
دع المكارم لا ترحل لبغيتها «•» واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه «•» لا يذهب العرف بين الله والناس
==>قلت ومثل قوله:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها «•» واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
قول الآخر:
إني وجدت من المكارم حبكم «•» أن تلبسوا حر الثياب وتشبعوا
فإذا تُذُوكرت المكارم مرةً «•» في مجلس أنتم به فتقنعوا
فاستعدى الزبرقان عليه عمر، فحكم عمر حسان، فقال: هجاه ولكن سلح عليه، فحبس عمر الحطيئة في بئر فقال يستعطفه:
ما ذا تقول لأفراخ بذي مرخ «•» حمر الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة «•» فاغفر عليك سلام الله يا عمر
ما آثروك بها إذ قدموك لها «•» لكن لأنفسهم كانت بك الأثر
فأخرجه عمر وجلس على كرسي وأخذ شفرة وأوهمه أنه يريد قطع لسانه، فصاح وقال: إني يا أمير المؤمنين والله قد هجوت أمي وأبي ونفسي وامرأتي، فتبسم عمر وقال: ما الذي قلت؟ قال: قلت لأبي وأمي:
ولقد رأيتكِ في النساء فسؤتني «•» وأبَا بنيك فساءني في المجلس
وقلت أيضاً:
تنحي واجلسي مني بعيداً «•» أراح الله منك العالمين
ولم أظهر لك البغضاء مني «•» ولكن لا أخالك تعقلين
أغربالاً إذا استودعت سراً «•» وكانوناً على المتحدثين
قال: وقلت لامرأتي:
أطوف ما أطوف ثم آوي «•» إلى بيت قعيدته لكاع
وقلت لنفسي:
أبت شفتاي اليوم ألا تكلما «•» بسوء فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجهاً شوه الله خلقه «•» فقبح من وجه وقبح حامله
وقد هجا من أحسن إليه فقال:
سمحت ولم تبخل ولم تعط طائلاً «•» فسيان لا ذم عليك ولا حمد
فخلى سبيله عمر بعد أن أخذ عليه ألا يهجو أحداً، وجعل له ثلاثة آلاف درهم اشترى بها منه أعراض المسلمين، فقال يذكر ذلك:
وأخذت أطوار الكلام فلم تدع «•» شتماً يضر ولا مديحاً ينفع
ومنعتني عرض البخيل فلم يخَف «•» شتمي وأصبح آمناً لا يجزع
ـ[عبدالعزيز المغربي]ــــــــ[21 - 02 - 06, 11:20 ص]ـ
في كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي في الحماسة والفخر:
قل لمن يعلو على النا * س بآباء سادة
ليس من شأني فخار * بعظام ناخرات
ما فخار المرء إلا * بعلوم زاخرات
وسجايا ومزايا * وهبات وافرات
ونضال بنصال * في مجال الغمرات
وجفان كالجوابي * وقدور راسيات
في الملح والطرف:
قال سعيد بن هشام المصمودي يهجو بر غواطة ومتنبئهم القائم بديانتهم:
قفي قبل التفرق فاخبيرنا * بقول صادق لا تكذبينا
بأمر برابر خسروا وضلوا * وخابوا لا سقوا ماء معينا
يقولون النبي أبو عفير * فأخزى الله أم الكاذبينا
ألم تسمع ولم تر يوم بهت (1) * على آثار خيلهم رنينا
رنين الباكيات بهم ثكالى * وعاوية ومسقطة جنينا
سيعلم أهل تامسنا إذا ما * أتوا يوم القيامة مفظعينا
هنالك يونس وبنو أبيه * يقودون البرابر حائرينا
(1) اسم مكان وقعت فيه معركة بين ابي عفير والقبائل التي لم تدن له بالطاعة
وقال عبد الله الكفيف الطنجي يهجو حاميم الغماري الذي ادعى النبوءة في قبيلته غمارة وظفر به الناصر المرواني:
وقالوا افتراء إن حاميم مرسل * إليهم بدين واضح الحق باهر
فقلت كذبتم بدد الله شملكم * فما هو إلا عائر وابن عائر
فإن كان حاميم رسولا فإنني * بإرسال حاميم لأول كافر
روى عن عجوز ذات إفك كهينة * تقارن في أسحارها كل ساحر
أحديث زور حاك إبليس نسجها * فسيرها دينا وبيل السرائر
قال الجراوي يهجو الأستاذ ابن ياسمين:
إست الحبارى ورأس النسر بينهما * لون الغراب وأنفاس من الجعل
¥