تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[09 - 07 - 08, 03:29 م]ـ

وتوحيد الوجهة-في حركة الجراد- تفسرها الاستجابة للداعي الذي ذكر قبل التشبيه وبعده:

يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ {6}

مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ {8}

ويبقى التشبيه المجمل منفتحا على دلالات أخرى منها:

1 - الإيحاء بالحقارة والهوان.

2 - الحركة المضطربة على غير هدى ..

3 - التداخل والتراكب.

4 - الكثرة غير المتجانسة في الأشكال والألوان.

5 - وارتقاب التهافت على النار بعد حين.

يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ {4} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ {5}

اختزال لبعض أهوال القيامة من خلال صورتين:

صورة منتزعة من عالم الناس:"الناس كالفراش المبثوث"

وصورة منتزعة من عالم الطبيعة:"الجبال كالعهن المنفوش".

وتكون كل صورة -على اختزالها-نموذجا تمثيليا لما يقع في عالمها .. وهذا الأسلوب مطرد في وصف القيامة،فنجد الآيات تبين آثار شدتها وهولها في المحلين الطبيعي والإنساني، الجامد والحي، فمنه:

*زلزلة الارض/رعب الإنسان:

إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا {1} وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا {2} وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا {3}

*انشقاق السماء/كدح الإنسان:

إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {1} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {2} وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ {3} وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ {4} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {5} يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ {6}

*انقلاب الكون/عمل الإنسان:

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ {2} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ {3} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ {4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ {5} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ {6} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ {7} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ {9} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ {10} وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ {11} وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ {12} وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ {13} عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ {14}

وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ {5}

وقع اختيار الجبل لارتباطه في المخيال البشري بالثقل والخلود، ومن ثم يكون تحول الجبل إلى نقيض معناه مفارقة دلالية مثيرة للمتلقي:

- فالعرب تضرب به المثل في الثقل فتقول:

أثقل من ثهلان

أثقل من شمام

أثقل من نضاد

أثقل من عماية

أثقل من دمخِ الدماخِ

وهذه كلهاجبال وكل قوم يتمثلون بالجبل الذي يقرب منهم!

-وبهذا المعنى جرت النقائض، قال الفرزدق:

أحلامنا تزن الجبال رزانة ... وتخالنا جنا إذا ما نجهل

فادفع بكفك إن أردت بناءنا ... ثهلان ذا الهضبات، هل يتحلحل

ورد جرير:

إني إلى جبليْ تميمٍ معقلي ... ومحلُّ بيتيَ في اليفاعِ الأطولِ

أحلامنا تزنُ الجبالَ رزانةٌ ... ويفوقُ جاهلنا فعالَ الجهلِ

أما معنى الخلود فيظهر في مثل قولهم:

بلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدناوالمصانع

وقولهم:

-لن يبرح العز منهم أبداً حتى تزول الجبال من قرظه

كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ {5}

العهن الصوف. والصوف مرتبط في الأذهان بمعنى الخفة، والصفة المقيدة (الْمَنفُوش) تأكيد للمعنى الإيحائي، قال في التاج:

النَّفْشُ: تَشْعِيثُ الشَّيْءِ بأَصَابِعِك حَتّى يَنْتَشِر، كالتَّنْفِيشِ، وقَالَ بَعْضُهُم: النَّفْشُ: تَفْرِيقُ مَا لاَ يَعْسُرُ تَفْرِيقُه، كالقُطْنِ والصُّوفِ، نَفَشَه فنَفَشَ، لازِمٌ مُتَعَدٍّ. وقَالَ أَئمَّةُ الاشْتِقَاقِ: وُضِعَ مادَّةُ النَّفْشِ للنَّشْرِ والانْتِشَارِ، نَقَلَهُ شَيْخُنَا. وقِيلَ: النَّفْشُ: مَدُّكَ الصّوفَ حتّى يَنْتَفِشَ بَعْضُهُ عن بَعْضٍ، وعِهْنٌ مَنْفُوشٌ.

والاتساق واضح بين "المبثوث" و"المنفوش" إذ يلتقيان معجميا عند معنى الانتشار ... وصرفيا عند صيغة اسم المفعول الدالة على ما لم يسم فاعله ..

وهذه الصيغة وأخواتها (صيغ البناء للمجهول وصيغ المطاوعة) هي المهيمنة اللغوية في وصف القرآن للقيامة وإرهاصاتها .. وقد مر بنا قريبا "زلزلت" و"انشقت" و"كورت" و"عطلت" و"زوجت" ... وغيرها كثير.

تتمة التفسير بعد حين إن شاء الله ..

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[13 - 07 - 08, 09:17 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير