سمي الإنسان إنساناً لأنه ...
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 02 - 06, 04:11 ص]ـ
من المعلوم أن المسمى له حظ من اسمه، وهذا الأمر صحيح في نفسه، ولا تعلق له بما ذهب إليه بعضهم من أن دلالة الكلم على معانيها في ذاتها، فهو مذهب بعيد، فهناك فرق بين تصور المعنى والتعبير عنه بعدة ألفاظ تتقارب معانيها، وأن يكون المعنى دالا على اختيار هذه الحروف.
قال الشاعر:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب ***** إلا ومعناه إن فكرت في لقبه
ومن أجل ذلك أُمِرنا شرعا بتسمية أبنائنا بالاسم الحسن، وأمرنا بتغيير الأسماء القبيحة، وكثيرا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يغير الأسماء المستقبحة أو المستنكرة.
ومن أجل أن المسمى آخذ بنصيب من اسمه
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله ورسوله)).
وقال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ***** وبه سمي الخليل خليلا
وقال بعض الأدباء: سمي السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.
قلت: وهذا إلى الآداب أقرب منه إلى أصول اللغة
وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إنما سمي الشهر شهرا لاشتهاره
قال الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لإنسه ***** ولا القلب إلا أنه يتقلب
ولكن المشهور في الباب قول ابن عباس رضي الله عنهما: إنما سمي الإنسان إنسانا؛ لأنه عهد إليه فنسي.
والدنيا سميت كذلك لدنوها، أو لدناءتها قولان والأول أشهر.
وسميت القافلة تيمنا بقفولها.
وسمي اللديغ سليما تفاؤلا بسلامته.
وقال بعض العلماء: سمي الشهيد شهيدا لأن روحه شهدت دار السلام.
وهذا أشبه بالكلام في الرقائق لا اللغة.
ولعل الإخوة أرباب الأقلام يفيدوننا مما عندهم في هذا الباب ليعم النفع.
ـ[المسيطير]ــــــــ[12 - 02 - 06, 07:57 ص]ـ
قال الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لإنسه ***** ولا القلب إلا أنه يتقلب
ولكن المشهور في الباب قول ابن عباس رضي الله عنهما: إنما سمي الإنسان إنسانا؛ لأنه عهد إليه فنسي.
جزاك الله خير الجزاء.
وقد سمعت البيت أو قرأته بلفظ (لنسيه) لا (لإنسه).
وما سمي الإنسان إلا لنسيه ***** ولا القلب إلا أنه يتقلب
أي من النسيان لا من الأنس.
وقيل - كما تفضلتَ -سمي الإنسان لأنه يأنس بمن حوله.
ـ[عصام البشير]ــــــــ[12 - 02 - 06, 01:17 م]ـ
أثابكم الله.
كلاهما وارد في كتب الأدب.
- لأُنسه: بضم الهمزة.
- لِنَسيه: بفتح النون.
ـ[السنافي]ــــــــ[14 - 02 - 06, 02:28 ص]ـ
السلام عليكم و حمة الله و بركاته ..
أخواني الفضلاء، قال الإمام ابن الأنباري - رحمه الله - في كتابه (الإنصاف في مسائل الخلاف) (2/ 809 - 812) ط. محي الدين:
" مسألةٌ، ذهب الكوفيّون إلى أن (إنسان) وزنه: (إفْعَان)، و ذهب البصريون إلى أن وزنه: (فِعْلان)، و إليه ذهب بعض الكوفيين.
أما الكوفيون، فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا ذلك؛ لأن الأصل في إنسان: إنْسِيان! على إفْعِلان من النسيان، إلا أنه لما كثر في كلامهم و جرى على ألسنتهم حذفوا منه الياء – التي هي اللام – لكثرته في استعمالهم.
[ثم قال]: و الذي يدل على أن (إنسان) مأخوذٌ من النسيان أنهم قالوا في تصغيره: (أُنَيْسِيَان) فردّوا الياء في حال التصغير؛ لأن الاسم لا يكثر استعماله مصغّراً كثرة استعماله مكبّراً ….
و أما البصريّون؛ فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا إن وزنه (فِعْلان)؛ لأنَّ (إنسان) مأخوذٌ من الإنس، و سمّي الإنس إنساً لظهورهم، كما سمّي الجنُّ جنَّاً لاجتنانهم أي استتارهم، و يقال: (آنستُ الشيء) إذا أبصرته، قال تعالى: {آنس من جانب الطور ناراً} أي أبصر، و كما أن الهمزة في الإنسان أصلية و لا ألف و نون فيه موجودتان؛ فكذلك الهمزة أصليةٌ في: إنسان، و يجوز أن يكون سمي الإنس إنساً؛ لأن هذا الجنس يستأنس به و يوجد فيه من الأنس و عدم الاستيحاش ما لا يوجد في غيره من سائر الحيوان، و على كلا الوجهين فالألف و النون فيه زائدتان؛ فلهذا قلنا: إن وزنه (فِعْلان) ".اهـ المراد نقله منه ...
ثم اشتغل (رحمه الله تعالى) في تفنيد أدلة الكوفيين و إبطال حججهم مرجِّحاً بذلك القول الثاني .. بما يُثلج صدرَ كلِّ متعصّبٍ لمذاهب أهل البصرة
من أمثالي (ابتسامة).
بارك الله فيكم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 - 02 - 06, 02:48 ص]ـ
مرحبا بك أخي السنافي (اسما) البصري (مذهبا) (ابتسامة!!)
اشتقنا إلى مشاركاتك وصولاتك وجولاتك.
وإن كنتُ لا أرى رأيك أخي الكريم في هذه المسألة؛ لأن لدينا نصا يقطع الخلاف فيها، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما - وهو من أهل اللسان - فقد جاء عنه أنه قال: إنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي.
وقد رجح هذا القول أيضا أبو العلاء المعري وهو من هو في التبحر في لسان العرب.
وأيضا رجحه أبو تمام - وهو من هو في معرفة كلام العرب - وذلك في قوله:
لا تنسين تلك العهود وإنما ***** سميت إنسانا لأنك ناسي
وبارك الله لك، ولا تحرمنا مشاركاتك النافعة
وجزاك الله خيرا
¥