رُبَّ مَا تَكْرَه النُّفُوس من الأَمْر * لَهُ فَرْجةٌ كحَلّ العِقَالِ
رب للتقليل (1)، وقد ذكر سيبويه رحمه الله في مواضع من كتابه أن (كم) الخبرية بمعنى (رب)، فذهب قوم منهم الإمام ابن مالك رحمه الله إلى القول بأنها للتكثير
(1) فخر صالح قداره: وهذا هم المنسوب عند كثييرين لسيبويه وغيره من أكابر البصريين والكوفيين، كأبي عمرو والخليل والكسائي والفراء.
وذكر ابن مالك في التسهيل أنها حرف تكثير وفاقا لسيبويه، وجعل التقليل بها نادرا. انظر: المساعد (284/ 2) وشرح التسهيل (176/ 3).
(كم) للتكثير بمعنى (رب) وقول سيبويه رحمه الله في ذلك:
الكتاب 159/ 2:
اعلم أن لـ (كَم) موضعين: فأحدهما الاستفهام، وهو الحرف المستفهَم به، بمنزلة (كيف) و (أين). والموضع الآخر: الخبر، ومعناها معنى (رُبّ).
الكتاب 163/ 2:
واعلم أن (كم) في الخبر لا تعمل إلا فيما تعمل فيه (رُبّ)، لأن المعنى واحدٌ، إلا أن كم اسمٌ ورُبّ غير اسم، بمنزلة (مِنْ). والدليل عليه أن العرب تقول: (كم رجلٍ أفضلُ منك؟)، تجعله خبرَ (كم). أخبرناه يونس عن أبي عمرو.
حذف (رب) وبقاء عملها
قال سيبويه رحمه الله 164/ 2:
ولا يجوز أن تضمر الجار، ولكنهم لما ذكروه في أول كلامهم شبهوه بغيره من الفعل. وكان هذا عندهم أقوى إذا أضمرت (رب) ونحوها في قولهم:
وبلدةٍ ليس بها أنيس
قلت - عبد العزيز -: الشاهد فيه إعمال (رب) مضمرة في (بلدة) والتقدي (ورب بلدة)
ذكر جواب (رب) وحذفه:
بعد (رب) يأتي جوابها ظاهرا ويحذف للعلم به، تقول (رب رجل عالم لقيته)، (لقيته) جواب (رب)
حذف جوابها:
قال سيبويه رحمه الله 120/ 3:
وزعم - أي الخليل رحمه الله - أنَّه قد وجد في أشعار العرب ربَّ لا جواب لها. من ذلك قول الشمّاخ:
ودوّيّةٍ قفرٍ تُمشِّى نَعامُها * كمَشي النَّصارى في خفافِ الأَرنْدَج
فهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجيء فيها جوابٌ لربَّ؛ لعلم المخاطب أنّه يريد: قطعتُها، أو ما هو في هذا المعنى.
القول في تعلق (رب) وزيادتها:
رب في قول القائل: (رب رجل عالم لقيته) إما متعلقة بالفعل (لقيته) ومحل الجار والمجرور النصب على المفعولية، كأنك قلت (لقيت رجلا عالما) وقال به جماعة، و (لقيته) على هذا القول لا يكون جوابا لـ (رب)
أو تكون حرفا زائدا و (رجلا) محله الرفع مجرور لفظا بالحرف الزائد، و (لقيته) جواب (رب)
والحمد لله أولا وآخرا
مع التحية الطيبة