تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال أبو علي: (وقد كان يَتفِقُ في أبياتِ قصائِدِهِم مِن غَيرِ قَصدٍ منهم إليهِ اليَسيرُ النَزْرِ ,فلمَّا انتهى قَرْضُ الشِعرِ إلى المُحْدَثين ,ورأَوا استغرابَ الناسِ للبديعِ على افْتِنانِهم فيه أُولِعوا بتَوَرُّدِه؛ إظهارًا للاقتِدارِ ,وذَهابًا إلى الإغرابِ, فمِن مُفْرِطٍ ومُقْتَصِدٍ ,ومحمودٍ فيما يأتِيه ومَذْمومٍ ,وذلك على حَسَبِ نُهوضِ الطَبْعِ بما يُحَمَّلُ، ومَدَى قُوَاه فيما يُطلَبُ منه ويُكَلَّفُ، فمَن مالَ إلى الأوَّلِ فلأنّه أشْبَهُ بطَرائِقِ الإعرابِ لسلامَتِه في السَبْكِ واستوائِهِ عِنْدَ الفَحْصِ، ومَنْ مالَ إلى الثاني فلِدَلالَتِهِ عَلَى كمالِ البَراعَةِ والالتِذَاذِ بالغَرَابَةِ.

وأمّا تَعَجُّبُكَ مِن أبي تمَّامٍ في اختيارِ هذا المجموعِ ,وخُروجِهِ عَنْ مَيْدانِ شِعْرِهِ ,ومُفارَقَتِهِ ما يَهْواهُ لنَفْسِه, وإجْماعِ نُقَّادِ الشِعرِ بَعْدَهُ على ما صَحِبَه مِنَ التوفيقِ في قَصْدِهِ ,فالقَولُ فيه أنّ أبا تمَّامٍ كان يَختارُ ما يَختارُ لجَوْدَتِهِ لا غَيْرُ ,ويقولُ ما يقولُ مِن الشِعْرِ بِشَهْوَتِهِ, والفَرْقُ بَيْنَ ما يُشتَهَى وبَيْنَ ما يُستجادُ ظاهِرٌ بِدَلالَةِ أنّ العارِفَ بالبَزِّ قَدْ يَشتهِي لُبْسَ ما لا يَستجيدُه, ويَستجيدُ ما لا يَشتهِي لُبْسَهُ, وعلى ذلك حالُ جَمِيعِ أعْراضِ الدُّنْيا مَع العُقَلاءِ العَارِفينَ بها في الاستجادِة والاشتهاءِ, وهذا الرجلُ لَمْ يَعْمَدْ مِنَ الشُّعَراءِ إلى المُشتهِرينَ مِنهم دونَ الإغْفالِ و لا مِن الشِعرِ إلى المُتَرَدَّدِ في الأفواهِ المُجِيبِ لِكِلِّ داعٍ فكان أمرُهُ أقرَبَ, بَلِ اعتسَفَ دواوينَ الشُّعَرَاءِ جاهِليِّهِم ومُخَضْرَمِهِم وإسلامِيِّهِم ومُوَلَّدِهِم, واختَطَف منها الأرواحَ دونَ الأشْباحِ ,واختَرَفَ الأثْمارَ دونَ الأكمامِ ,وجَمَعَ ما يُوافِقُ نَظْمَهُ ويُخالِفُهُ؛ لأنّ ضُرَوبَ الاختيارِ لمْ تَخْفَ عليه ,وطُرُقَ الإحسانِ و الاستِحسانِ لمْ تَستَتِرْ عنه حتى إنّك تراه يَنتَهِي إلى البيتِ الجيدِ, فيه لَفْظَةٌ تَشِينُه, فيَجْبُرُ نَقِيصَتَه مِن عندِه ويُبَدَّلُ الكَلِمَةَ بأُخْتِها في نَقْدِهِ, وهذا يُبَيَّنُ لِمَن رَجَعَ إلى دواوينِهِم فَقابلَ ما في اختيارِه بها ,ولو أنّ نَقْدَ الشِعْرِ كان يُدْرَكُ بقولِه لكان مَن يقولُ الشِعرَ مِنَ العُلَمَاءِ أشعَرَ الناسِ ,ويَكشِفُ هذا أنّه قد يُمَيِّزُ الشعرَ مَن لا يقولُه, ويقولُ الشعرَ الجَيَّدَ مَن لا يَعرِفُ نقدَه ,على ذلك كان البُحتُرِيُّ؛ لأنّه فيما حُكِيَ عنه كان لا يَعجَبُ مِن الشعرِ إلاّ بما وافَقَ طَبْعَه ومعناه ولَفظَه.

وحَكَى الصُولِيُّ أنّه سَمِعَ المُبَرَّدَ يقولُ: سَمِعْتُ الحسنَ بنَ رجَاءِ يقولُ ما رأيتُ أحَدًا قَطُّ أعلمَ بجَيَّدِ الشعرِ قديمِه وحديثِه مِن أبي تمَّامٍ ,وحُكِيَ عنه أنّه مَرَّ بِشعرِ ابنِ أبي عُيَيْنَةَ فيما كان يَختارُه مِن شعرِ المُحْدَثِين فقالَ: وهذا كلُه مُخْتارٌ ,هذا وشعرُه أبعدُ الأشياءِ مِن شعرِه وهذا واضِحٌ).

والعذر فقد كتبته على عجل. بارك الله فيك

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 02:57 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

جزاك الله كل خير ...

قوله: [ورأوُا] اسْتِغْرَابَ ... هذا الصواب مراعاة للساكن بعده ...

وقوله: بَلِ اعْتَسَفَ دَوَاوِينَ الشُّعَرَاءِ - جَاهِلَيَهُمْ وَمُخَضَّرَمَهُمْ وَإسْلامِيَهُمْ وَمُوَلِّدَهُمْ ... هذه سبق قلم ... والصواب: جاهليِّهم ... الخ بدل من الشعراء ... والمولَّدون بفتح اللام كما سبق أن ذكره أحد الأفاضل.

وقوله: حَتَّى إنَّكَ ... كذا صوابه فهي للابتداء.

قوله: تُشينه ... صوابه - والله أعلم - تَشينه ... من باب باع ...

وقوله: عَلَى ذَلِكَ كَانَ البُحْتُرِيَّ ... صوابه البحتريُّ ..

وفقك الله لكل خير ... وأعانك عليه.

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[20 - 04 - 06, 03:18 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخى الحبيب ذا الصدر الرحيب ... الفهم الصحيح , ائذن لى بالمشاركة , وأتحفنى بالتصحيح

مرحبا بالفاضل الكريم ... وكلمة أخي هذه من ألذ ما تسمع أذني ... فاللهم اجعلنا إخوة متحابين فيك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير