وَكَأَنَّمَا خِيطَ عَلَى وَفَاءِ السَّمَوْأَلِ وَحَاجِبٍ، وَأُشْرِجَ عَلَى إِيثَارِ كَعْبٍ وَحَاتِمٍ، وَخُتِمَ عَلَى حِفَاظِ جَسَّاسٍ وَالْحَارِثِ، وَأُغْلِقَ عَلَى عِزَّةِ عَوْفٍ وَعُرْوَةَ .... أَتَمَثَّلُهُ مُتَرَقْرِقَ الْبِشْرِ إِذَا حَدَّثَ، مُتَهَلِّلَ الْأَسِرَّةِ إِذَا حُدِّثَ، مَقْصُورَ اللِّسَانِ عَنِ اللَّغْوِ، قَصِيرَ الْخُطَى عَنِ الْمَحَارِمِ؛ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتِ الْأَيْدِي إِلَى وَطَنِهِ بِالتَّخَوُّنِ، وَاسْتَطَالَتِ الْأَلْسِنَةُ عَلَى دِينِهِ بِالزِّرَايَةِ وَالتَّنَقُّصِ، وَتَهَافَتَتِ الْأَفْهَامُ عَلَى تَارِيخِهِ بِالْقَلْبِ وَالتَّزْوِيرِ، وَتَسَابَقَ الْغُرَبَاءُ إِلَى كَرَائِمِهِ بِاللَّصِّ وَالتَّدْمِيرِ-: ثَارَ وَفَارَ، وَجَاءَ باِلْبَرْقِ وَالرَّعْدِ، وَالْعَاصِفَةِ وَالصَّاعِقَةِ، وَمَلَأَ الدُّنْيَا فَعَالًا، وَكَانَ مِنْهُ مَا يَكُونُ مِنَ اللَّيْثِ إِذَا دِيسَ عَرِينُهُ، أَوْ وُسِمَ بِالْهُونِ عِرْنِينُهُ .... أَتَمَثَّلُهُ شَدِيدَ الْغِيرَةِ، حَدِيدَ الطِّيرَةِ؛ يَغَارُ لِبِنْتِ جِنْسِهِ أَنْ تَبُورَ، وَهُوَ يَمْلِكُ الْقُدْرَةَ عَلَى إِحْصَانِهَا؛ وَيَغَارُ لِمَاءِ شَبَابِهَا أَنْ يَغُورَ، وَهُوَ يَسْتَطِيعُ جَعْلَهُ فَيَّاضًا بِالْقُوَّةِ، دَافِقًا بِالْحَيَاةِ؛ وَيَغَارُ هَوَاهُ أَنْ تَسْتَأْثِرَ بِهَا السِّلَعُ الْجَلِيبَةُ، وَالسِّحَنُ السَّلِيبَةُ؛ وَيَغَارُ لِعَيْنَيْهِ أَنْ تَسْتَرِقَّهُمَا الْوُجُوهُ الْمُطَرَّاةُ، وَالْأَجْسَامُ الْمُعَرَّاةُ .... أَتَمَثَّلُهُ كَالدِّينَارِ يَرُوقُ مَنْظَرًا، وَكَالسَّيْفِ يَرُوعُ مَخْبَرًا؛ وَكَالرُّمْحِ أَمْدَحُ مَا يُوصَفُ بِهِ أَنْ يُقَالَ ذَابِلٌ؛ وَلَكِنْ ذَاكَ ذُبُولُ الِاهْتِزَازِ، وَهَذَا ذُبُولُ الِاعْتِزَازِ؛ وَكَالْمَاءِ يَمْرُؤُ فَيَكُونُ هَنَاءً يُرْوِي، وَيَزْعُقُ فَيَكُونُ عَنَاءً يُرْدِي؛ وَكَالرَّايَةِ بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ، تَتَسَاقَطُ حَوْلَهَا الْمُهَجُ وَهِيَ قَائِمَةٌ .... أَتَمَثَّلُهُ مُعْتَدِلَ الْمِزَاجِ بَيْنَ الْمُيُوعَةِ وَالْجُمُودِ، وَبَيْنَ النَّسْكِ وَالْفَتْكِ؛ تَتَّسِعُ نَفْسُهُ لِلْعَقِيقِ، وَعُمَرَ وَابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، فَيَصْبُو وَلَا يَكْبُو؛ كَمَا تَتَّسِعُ لِلْحَرَمِ وَنَاسِكِيهِ، فَيَصْفُو وَلَا يَهْفُو؛ وَتَهُزُّهُ مُفَاخَرَاتُ الفَرَزْدَقِ فِي الْمِرْبَدِ، كَمَا تَهُزُّهُ مَوَاعِظُ الْحَسَنِ فِي الْمَعْبَدِ .... مَا قِيمَةُ الشَّبَابِ؟! وَإنْ رَقَّتْ أَنْدَاؤُهُ، وَتَجَاوَبَتْ أَصْدَاؤُهُ، وَقُضِيَتْ أَوْطَارُهُ، وَغَلَا مِنْ بَيْنِ أَطْوَارِ العُمُْرِ مِقْدَارُهُ، وَتَنَاغَتْ عَلَى أَفْنَانِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي أَطْيَارُهُ، وَتَنَفَّسَتْ عَنْ مِثْلِ رَوْحِ الرَّبِيعِ أَزْهَارُهُ، وَطَابَتْ بَيْنَ انْتِهَابِ اللَّذَّاتِ، واقْتِطَافِ الْمَسَرَّاتِ، أَصَائِلُهُ وَأَسْحَارُهُ. بَلْ مَا قِيمَةُ الْكُهُولَةِ؟! وَإنْ اسْتَمْسَكَ بُنْيَانُهَا، وَاعْتَدَلَ مِيزَانُهَا، وَفُرَّتْ عَنِ التَّجْرِبَةِ وَالْمِرَاسِ أَسْنَانُهَا، وَوُضِعَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْحِكْمَةِ وَالْأَنَاةِ أَرْكَانُهَا. بَلْ مَا قِيمَةُ الْمَشِيبِ؟! وَإنْ جَلَّلَهُ الْوَقَارُ بِمُلَاءَتِهِ، وَطَوَاهُ الِاخْتِبَارُ فِي عَبَاءَتِهِ؛ وَامْتَلَأَتْ مِنْ حِكْمَةِ الدُّهُورِ، وَغَرائِبِ العُصُورِ، حَقَائِبُهُ؛ وَوُصِلَتْ بِخُيُوطِ الشَّمْسِ، لَا بِفَتَائِلِ الْبُرْسِ، جُمَّاتُه وذَوَائِبُهُ. مَا قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ إِذَا لَمْ تُنْفَقْ دَقَائِقُهُ فِي تَحْصِيلِ عِلْمٍ، وَنَصْرِ حَقِيقَةٍ، وَنَشْرِ لُغَةٍ، وَنَفْعِ أُمَّةٍ!)).
ـ[أبو اللُّطف]ــــــــ[30 - 03 - 08, 09:44 م]ـ
مَتى التصحيح، شيخنا أبا مالك .. بارك الله فيكم، وأمتع بكم ..
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[30 - 03 - 08, 11:22 م]ـ
((كَأَنَّمَا وُلِدَ فِي مَكَّةَ وَاسْتُرْضِعَ فِي إِيَادٍ، وَرَبَا فِي مُسْلَنْطَحِ الْبِطَاحِ .... )).
لعلَّ الصَّواب: مُسْلَنْطِح ..
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[30 - 03 - 08, 11:44 م]ـ
لعلَّ الصَّواب: مُسْلَنْطِح ..
لقد رأيتها مرة بفتح الطاء ومرة أخرى بكسرها، فالله أعلم بالصواب فيهما، ولعل أحد مشايخنا يؤكد لنا المعلومة أو يصوب
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[31 - 03 - 08, 02:04 م]ـ
(( .. كَأَنَّمَا وَلَدَتْهُ خِنْدِفٌ، أَوْ نَهَضَتْ عَنْهُ أُمُّ الْكَمَلَةِ،)).
لعلها ممنوعة من الصَّرف: خِنْدِفُ ... للتأنيث، والعلمية، وعدد حروف الكلمة أكثر من ثلاثة ...
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[11 - 04 - 08, 05:58 م]ـ
ألا مِنْ مُصحِّح، فنتعلَّمَ؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 - 04 - 08, 06:36 م]ـ
مَتى التصحيح، شيخنا أبا مالك .. بارك الله فيكم، وأمتع بكم ..
ضبطك متقن يا شيخنا الفاضل، وفقك الله ونفع بك.
¥