[مقدمة في علوم العربية]
ـ[علاء شعبان]ــــــــ[09 - 03 - 06, 04:06 م]ـ
مقدمة في " علوم اللغة العربية "
أولاً: مكانة اللغة العربية من العلوم الشرعية:
طالب العلم يبدأ بتعلم الاعتقاد ثم الاعتصام، لأهمية تعلم الاعتقاد والمنهج الصحيحين قبل تعلم ماعداهما، فلا خير يرجى لمن كان على شرك أو بدعة أو ضلالة لفساد في اعتقاده أو اتِّباعِه.
ثم يبدأ بتعلم علوم الكتاب والسنة، لأنهما العلمان الأساسيان اللذان تبنى عليهما بقية العلوم الشرعية.
ثم بعد ذلك يأتي دور علوماً وضعها العلماء لضبط فهم العلوم الأساسية ولضبط الاستنباط منها، وهذه هى علوم الوسائل، وهى أربعة:
" علوم القرآن، وعلوم الحديث دراية، وعلوم اللغة العربية، وأصول الفقه "
فيبدأ طالب العلم بما يتعلق بدراسة علوم القرآن؛ ثم علوم الحديث دراية؛ ثم علوم اللغة العربية، ثم ما يتعلق بدراسة أصول الفقه.
وقد رتبنا علوم الوسائل الأربعة بهذا الترتيب لمناسبة تقديم علوم القرآن والحديث لدراسة العلوم الأساسية (الكتاب والسنة).
ثم قدّمنا علوم اللغة على أصول الفقه لأن كثيراً من مباحث الأصول كالدلالات والمعاني هى مباحث لغوية في الأصل.
ومن هذا تتضح أهمية علوم اللغة العربية لطالب العلوم الشرعية، فاللغة وسيلة لفهم النصوص الشرعية (الكتاب والسنة) ووسيلة للاستنباط الصحيح من النصوص.
إذ جاءت هذه الشريعة بلسان العرب، قال تعالى (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3)، وقال تعالى (وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) (النحل: من الآية103).
وإذا كانت اللغة العربية وسيلة لفهم الكتاب والسنة، فإن تعلمها واجب على طلاب العلوم الشرعية، لأن الوسائل لها نفس أحكام المقاصد، حتى قال الشاطبي في " الموافقات " (4/ 114 – 118) ط. دار المعرفة:
" إن المجتهد لا يلزمه الاجتهاد في شئ من علوم الوسائل إلا علوم اللغة العربية " اهـ
وقال ابن خلدون - رحمه الله - في " الفصل السادس والثلاثون في علوم اللسان العربي " من مقدمته صـ 545:
" أركانه أربعة وهى: اللغة، والنحو، والبيان، والأدب، ومعرفتها ضرورية على أهل الشريعة إذ مأخذ الأحكام الشرعية كلها من الكتاب والسنة وهى بلغة العرب، ونَقَلَتُها من الصحابة والتابعين عرب، وشرح مشكلاتها من لغاتهم، فلابد من معرفة العلوم المتعلقة بهذا اللسان لمن أراد علم الشريعة " اهـ.
ولما قال بشر المريسي بخلق القرآن، وكان من دعاة هذه الفتنة ومن رؤوس المعتزلة ت 218 هـ، قال له علماء السنة: إنما أوتيت من العُجْمة - إذ استدل على بدعته ببعض الآيات - كآية الزخرف السابقة، ولم يفهمها على الوجه الصحيح، يراجع في هذا كتاب " الحيدة ".
ثانيًا: تدوين علوم اللغة العربية:
لم تكن علوم اللغة العربية مدونة في صدر الإسلام لاستقامة اللسان من جهة الإعراب والمعاني والبيان، فلم تدع الحاجة إلى تدوين شئ من ذلك.
فلما اتسعت الفتوحات في بلاد العجم من الفرس والروم وأسلم كثير من أهل هذه البلاد وتكلموا بلغة العرب لحاجتهم إلى تعلم الكتاب والسنة من جهة ولحاجتهم إلى التعامل مع العرب من جهة أخرى، لم يتكلم العجم بلغة العرب على الوجه الصحيح، كما أن سكنى العرب بين العجم في الأمصار المفتوحة أفسدت لسانهم الأصلى.
فدخل الفساد على اللسان العربي من جهة اللحن تارة ومن جهة استخدام الألفاظ تارة ومن جهة البيان والفصاحة تارة أخرى، فألهم الله تعالى علماء الأمة وضع قوانين للغة العرب التي هى لغة الكتاب والسنة، وهذا مما حفظ الله تعالى به دينه الخاتم كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)؛ فقد قضى سبحانه بحفظ هذا الدين لتبقي حجته على خلقه مصونة من التحريف والتبديل إلى يوم القيامة، وحِفْظ لغة العرب من حِفْظ الدين لأن للوسائل حكم المقاصد، فألهم الله تعالى فريقًا من العلماء القيام على حفظها وكان هذا بتدوين علوم اللسان العربي والتي انحصرت في أربعة علوم وهى: (النحو، واللغة، والبيان، والأدب) ولكلٍ موضوعه وثمرته، وهى حسب ترتيب تدوينها تاريخياً.
الأول: علم النحو:
¥