(اَلْكَلَامُ: هو اَللَّفْظُ اَلْمُرَكَّبُ اَلْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ، وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ: اسم، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى. فَالِاسْمُ يُعْرَفُ: بالخفض، وَالتَّنْوِينِ، وَدُخُولِ اَلْأَلِفِ وَاللَّامِ. وَحُرُوفُ اَلْخَفْضِ، وَهِيَ: مِنْ، وَإِلَى، وَعَنْ، وَعَلَى، وَفِي، وَرُبَّ، وَالْبَاءُ، وَالْكَافُ، وَاللَّامُ. وَحُرُوفُ اَلْقَسَمِ، وَهِيَ: اَلْوَاوُ، وَالْبَاءُ، وَالتَّاءُ. وَالْفِعْلُ يُعْرَفُ: بِقَدْ، وَالسِّينِ وَسَوْفَ وَتَاءِ اَلتَّأْنِيثِ اَلسَّاكِنَةِ. وَالْحَرْفُ: مَا لَا يَصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ اَلِاسْمِ وَلَا دَلِيلُ اَلْفِعْلِ)
[ثانيا: الشرح باختصار]
لكل علم من العلوم مصطلحاته التي ينبغي معرفة معناها قبل المضي قُدُما في هذا العلم لكي يكون الإنسان على بينة مما يقرأ، وكما هو معلوم قد يكون للمصطلح معنى في اللغة يختلف عن معناه في كل علم من العلوم.
فإذا قال النحويون (الكلام) فماذا يعنون؟ يعنون به الألفاظ التي تُرَكَّبُ إلى بعضها فتفيد معنى، ولكن هذه الإفادة لا بد أن تكون بالطريقة التي يسير عليها العرب في كلامهم، وذلك لأنه قد يستعمل الإنسان بعض الإشارات أو الحروف التي يفهم منها أشياء، ومع ذلك لا تسمى كلاما عند النحويين لأنها لا تسير على منهج العرب في كلامهم، وهذا هو معنى قول المصنف (بالوضع).
فإذا عرفنا معنى الكلام، فما أقسامه، بمعنى: مِنْ أَيِّ شيء يتكون هذا الكلام، فكما نقول مثلا: الكتاب يتكون من غِلاف وورق وحبر، فكذلك أيضا نقول: الكلام ينقسم إلى اسم وفعل وحرف، أي أن بعض الكلام يكون اسما وبعضه يكون فعلا وبعضه يكون حرفا.
وقول المؤلف (وحرف جاء لمعنى) لا يفهم منه أن بعض الحروف لها معانٍ وبعضها ليس لها معاني، وإنما معناه أن الحروف في كلام العرب إنما تأتي لمعانٍ.
ولكن كيف نعرف أن هذه الكلمة أو تلك اسم أو فعل أو حرف؟
نعرف هذا بالعلامات الدالة على كل منها، كما يعرف الإنسان الأمور الدنيوية بالعلامات التي تدل عليها، وينبغي التفريق بين قولنا (العلامة) وقولنا (التعريف)، فالعلامة تعطيك إشارة لوجود هذا الشيء الذي يتميز بهذه العلامة، لكنها لا تعطي لك المعنى الدقيق لهذا الشيء.
فكيف نعرف أن هذه الكلمة أو تلك اسم من الأسماء؟، نعرف ذلك بعدة أمور:
فمن العلامات التي يعرف بها الاسم أن يكون مجرورا، كأن تقول (مررت بالرجلِ) فإذا كسرت اللام من (الرجل) فقد جررتها، وهذا الجر يدل على أن هذه الكلمة (الرجل) اسم.
ومن هذه العلامات التنوين، كأن تقول (قال رجلٌ أو سمعت رجلاً) فالتنوين على (رجل) أو (رجلا) يدل على أن هذه الكلمة (رجل) اسم.
ومن هذه العلامات: دخول الألف واللام كقولك (جاء الرجل) فنحن نعرف كلمة (رجل) ووجدنا هنا أنه قد دخل عليها الألف واللام في قولنا (الرجل)، فنستطيع أن نعرف من ذلك أن هذه الكلمة (الرجل) اسم.
والآن: كيف نعرف أن هذه الكلمة أو تلك فعل من الأفعال؟ نعرف ذلك بعدة أمور:
إذا رأينا الكلمة وقبلها (قد) فإننا نستنبط من ذلك أن هذه الكلمة فعل، وذلك كما لو قلت (قد قامت الصلاة) فنعرف من ذلك أن كلمة (قام) فعل من الأفعال.
وكذلك إذا رأينا قبل الكلمة حرف السين كما لو قلت (سأفعل إن شاء الله) فنعرف من ذلك أن كلمة (أفعل) فعل من الأفعال.
وكذلك إذا رأينا قبل الكلمة (سوف)، كما لو قلت (سوف أقرأ بإذن الله)، فنعرف من ذلك أن كلمة (أقرأ) فعل من الأفعال.
وكذلك إذا رأينا بعد الكلمة تاء التأنيث - وهي ساكنة - كقولك (قالتْ أم المؤمنين عائشة)
عرفنا الآن كيف نعرف الاسم بعلاماته وكيف نعرف الفعل بعلاماته.
فكيف نعرف الحرف، وهل له علامات؟
قال المصنف رحمه الله تعالى: إن الحرف يعرف بطريقة النفي، وهي أن لا يصح أن يدخل عليه علامةٌ من علامات الاسم أو علامةٌ من علامات الفعل، فكلمة (دليل) في كلام المؤلف معناها (دَلالة) أو (علامة).
وقد تركت جزءا من كلام المصنف لم أتكلم عنه، لكي أجمع الكلام على علامات الاسم والفعل والحرف معا. فقد تطرق المصنف رحمه الله إلى حروف الجر وحروف القسم، وكلاهما يجر الاسم الواقع بعده، ويشتركان في حرف الباء ويفهم المعنى من السياق.
فحروف الجر والقسم التي ذكرها المصنف هي:
(من) كقولك: جئت من المدرسة
(إلى) كقولك: ذهبت إلى المدرسة
¥