[مسألة اشكلت علي]
ـ[أبو زياد المرواني]ــــــــ[12 - 07 - 08, 10:06 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد أشكل علي ماذكره الطبري عن مجاهد بن جبر في تفسير قوله تعالى ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) قال تنتظر منه الثواب وهذا يخالف ماعليه أهل السنة والجماعة فهل من مفيد لي
في هذه المسألة
ـ[نزيه حرفوش]ــــــــ[12 - 07 - 08, 12:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم إن تفسير مجاهد لقول الله تعالى مبني على رأي يقول بعدم إمكانية رؤية وجه الله تعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة لأن الله سبحانه يقول (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
وإليك ما ذكره الطبري في تفسير هذه الآية: قول في تأويل قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)}
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار".
فقال بعضهم: معناه لا تحيط به الأبصار، وهو يحيط بها.
* ذكر من قال ذلك:
13694 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله:"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار"، يقول: لا يحيط بصر أحدٍ بالملك.
13695 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله:"لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار"، وهو أعظم من أن تدركه الأبصار.
13696 - حدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال، حدثنا خالد بن عبد الرحمن قال، حدثنا أبو عرفجة، عن عطية العوفي في قوله: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [سورة القيامة: 22 - 23]، قال: هم ينظرون إلى الله، لا تحيط أبصارهم به من عظمته، وبصره يحيط بهم، فذلك قوله:"لا تدركه الأبصار"، الآية. (1)
* * *
قال أبو جعفر: واعتل قائلو هذه المقالة لقولهم هذا، بأن قالوا: إن الله قال:" حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت "، (2) [يونس: 90] قالوا: فوصف الله تعالى ذكره الغرق بأنه أدرك فرعون، ولا شك أن الغرق غير موصوف بأنه رآه، ولا هو مما يجوز وصفه بأنه يرى شيئًا. قالوا: فمعنى قوله:"لا تدركه الأبصار" بمعنى: لا تراه، بعيد. لأن الشيء قد يدرك الشيء ولا يراه، كما قال جل ثناؤه مخبرًا عن قيل أصحاب موسى صلى الله عليه وسلم لموسى حين قرُب منهم أصحاب فرعون: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)، [سورة الشعراء: 61]، لأن الله قد كان وعد نبيه موسى صلى الله عليه وسلم أنهم لا يُدْرَكون، لقوله: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى)، [سورة طه: 77].
قالوا: فإن كان الشيء قد يرى الشيء ولا يدركه، ويدركه ولا يراه، فكان معلومًا بذلك أن قوله:"لا تدركه الأبصار"، من معنى: لا تراه الأبصار، بمعزل= وأن معنى ذلك: لا تحيط به الأبصار، لأن الإحاطة به غير جائزة.
قالوا: فالمؤمنون وأهل الجنة يرون ربهم بأبصارهم، ولا تدركه أبصارهم، بمعنى: أنها لا تحيط به، إذ كان غير جائز أن يوصف الله بأن شيئًا يحيط به.
قالوا: ونظير جواز وصفه بأنه يُرَى ولا يُدْرَك، جوازُ وصفه بأنه يعلم ولا يحاط بعلمه، (1) وكما قال جل ثناؤه: (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ) [سورة البقرة: 255]. قالوا: فنفى جل ثناؤه عن خلقه أن يكونوا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء. قالوا: ومعنى"العلم" في هذا الموضع، المعلوم. قالوا: فلم يكن في نفيه عن خلقه أن يحيطوا بشيء من علمه إلا بما شاء، نَفْيٌ عن أن يعلموه. قالوا: فإذا لم يكن في نفي الإحاطة بالشيء علمًا نَفْيٌ للعلم به، كان كذلك، لم يكن في نفي إدراك الله عن البصر، نفيُ رؤيته له. قالوا: وكما جاز أن يعلم الخلق أشياءَ ولا يحيطون بها علمًا، كذلك جائزٌ أن يروا ربَّهم بأبصارهم ولا يدركوه بأبصارهم، إذ كان معنى"الرؤية" غير معنى"الإدراك"، ومعنى"الإدراك" غير معنى"الرؤية"، وأن معنى"الإدراك"، إنما هو الإحاطة، كما قال ابن عباس في الخبر الذي ذكرناه قبل.
¥