تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجاء القول الثاني للبيانيين ... لإنقاذ الاستعارة ... فرأوا ان ذلك الادعاء لتوحد المشبه والمشبه به ... لا يقتضي الحقيقة ... لإن "اسد" وضع للاسد الحقيقي لا للاسد الادعائي ..... ونقله من الاول الى الثاني استعارة لغوية ..

وقد حاول بعض البلاغيين التوفيق بين التصورين .. فقال مثلا محقق كتاب "كتاب جامع العبارات فى تحقيق الاستعارات"د. محمد رمضان الجربي:

"والظاهر فى نظري ان الخلاف لفظي .. فمن نظر الى الاصل ونفس الامر .... جعلها مجازا لغويا .. ومن نظر الى الادعاء جعلها مجازا عقليا .. وفى عروس الافراح مع شروح التلخيص:"وهذا الادعاء لا ينكره من جعله لغويا ... وكون اللفظ اطلق على غير معناه الحقيقي لا ينكره من جعله عقليا .. وانما النزاع فى انه هل يسمى بالاول نظرا للاطلاق على غير المعنى الاصلي .. او بالثاني .. نظرا لذلك الادعاء ... فصار الخلاف لفظيا اصطلاحيا ... [انتهى كلام صاحب العروس وكلام حاشية المحقق .. ]

تلخيص الشارح جيد .. وفق فيه بين المتنازعين ... واستفدنا منه نحن ان الادعاء ... مجمع عليه فى تصور الاستعارة .....

وبقيت مسألة الادعاء هل هي كذب ام لا ....

تقوم الاستعارة على مقومين اساسين لا تتصور الاستعارة بدونهما:

الادعاء.

المبالغة.

وقد تكلمنا من قبل عن مفهوم الادعاء .. وانه يقول به كل البيانيين على المذهبين معا: مذهب من يرى الاستعارة مجازا لغويا .. ومذهب من يراها مجازا عقليا .. وقد لخص الامام يحيى العلوي فى كتابه "الطراز"

تلخيصا جامعا وجهة نظر الفريقين فقال:"قولكم فى حد المجاز انه "ما افاد معنى غير مصطلح عليه فى اصل تلك المواضعة "يؤدى الى خروج الاستعارة عن حد المجاز وبيانه انا اذا قلنا على جهة الاستعارة رأيت اسدا فالتعظيم والمبالغة الحاصلان من هذه اللفظة المستعارة ليس لانا سميناه باسم الاسد ولهذا فإنه لو جعلناه علما لم يحصل التعظيم والمبالغة بذلك بل انما حصلا لأنا قدرنا فى ذلك الشخص صيرورته فى نفسه على حقيقة الاسد لبلوغه فى الشجاعة التي هي خاصة الاسد الغاية القصوى ومتى قدرنا حصوله على صفة الاسدية وحقيقتها اطلقنا عليه الاسم وبهذا التقدير يكون اسم الاسد مستعملا فى نفس موضوعه الاصلي ويبطل المجاز ...

والجواب .... انه يكفي فى حصول المبالغة والتعظيم ان يُقدر انه حصل له من القوة ما كان للاسد وعلى هذا يكون استعمال لفظ الاسد فى معنى يخالف موضوعه الاصلي وبهذا التقرير يحسن وجه الاستعارة وتتضح حثيقة المجاز ..... "

ويستفاد من هذا النص .. المقوم الآخر للاستعارة وهو المبالغة .... فبدون المبالغة ... تصبح الاستعارة "باردة"لا يحتاج اليها ... لأن فى الحقيقة غنى عنها حينئذ ... وما ادخلت الاستعارة فى سلك البلاغة الا لذلك القدر الزائد من المعنى الذي تضيفه الى الحقيقة ...

قال الدسوقي فى حاشيته على السعد:

(قوله ولما كانت الاستعارة ابلغ من الحقيقة) أي انه يلزم لو لم تراع المبالغة المقتضية لادخال المشبه فى جنس المشبه به الذي بني عليه كون الاستعارة مجازا عقليا ان لا تكون الاستعارة ابلغ من الحقيقة بل تكون مساوية له مع انهم جازمون بأ ن الاستعارة ابلغ من الحقيقة (قوله اذ لا مبالغة فى اطلاق الاسم المجرد) اي عن الادعاء وقوله عاريا عن معناه اي الحقيقي ولو بحسب الادعاء والمعنى ان الاسم إذا نقل الى معنى ولم يصحبه اعتبار معناه الاصلي فى ذلك المعنى المنقول اليه لم يكن فى اطلاق ذلك الاسم على ذلك المعنى المنقول اليه مبالغة فى جعله كصاحب ذلك الاسم كما فى الحقيقة المشتركة والمنقولة فإنه لما لم يصحبها معناها الاصلي انتفت المبالغة فى الحاق المعنى المنقول اليه بالغير .. (شروح التلخيص المجلد 4 ص61) ..

الآن ... لا بد للبحث ان ينتقل الى الصعيد العقدي والفقهي .... فالقول بأن فى القرآن استعارة ... معناه ان فى القرآن ... مبالغة ..... والمبالغة زيادة وتضخيم للواقع ...

فهل يليق هذا بالقرآن ... ؟

هل يتصور ان يقدم القرآن الكريم شيئا فيه زيادة او نقصان عن حقيقته ... ؟

وتمسك المتمسكين بأن القرآن قد نزل على المعهود من كلام العرب واساليبها لا يعد تبريرا لأن يكون فى القرآن باطل .. كما استدل على ذلك الشيخ الشنقيطي رحمه الله ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير