تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إرسال رسالة خاصة إلى الفهم الصحيح

إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى الفهم الصحيح

إيجاد جميع المشاركات للعضو الفهم الصحيح

قديم 06/ 07/06, 04:11 04:11:05 PM

ابن السائح ابن السائح غير متواجد حالياً

عضو مميز تاريخ الانضمام: 28/ 02/06

المشاركات: 540

افتراضي


جزاكم الله خيرا

ما أكثرَ ما يُشغلُ الإنسانُ عنْ نفسِهِ، تتوالَى الأيامُ وهو في شُغْلٍ عنْ أعمالٍ نافعةٍ أو ضارةٍ، جليلةٍ أو حقيرةٍ، لا يَتَلَبَّثُ حِينًا ليَسألَ نفسَهُ: فِيمَ أنتَ؟ ولِمَ نَهَجْتَ هذا المنهجَ؟ ولِمَ آثَرْتَ هذا العملَ؟
والذي يدركُهُ في هذه الشواغلِ هو ما يَخْلُصُ إلى عقلِهِ وقلبِهِ مِنْ خِلالِ هذهِ الضَوْضَاءِ المُحِيطَةِ والعَجَاجِ الثائرِ لا يَفْرُغُ لتَمْحِيصِهِ ولا هو مُسْتَوْحٍ له قلبَهُ وعقلَهُ فهو يَسمعُ ويَقرأُ ذاهبًا مع التيارِ ويَسِيرُ ويَعْمَلُ مَاضِيًا مع الرَّكْبِ.

واذا خلا الإنسانُ إلى نفسِهِ ونَفَى عن سمعِهِ وعينِهِ حِينًا ما يَشْغَلُهُمَا كلَّ حينٍ مِن الأصواتِ والمَرَائِي، واسْتَوْحَى ربَّهُ وسَمِعَ قلبُهُ في سُكُونِ الليلِ وهَدْأَةِ السَّحَرِ؛ فعَسَى أن يَفْقَهَ في ساعةٍ ما لا يَفْقَهُ في أيَّامٍ، بل يُدْرِكُ في لَمْحَةٍ ما لم يُدْرِكْ في سنينَ، وعسى أن تَتَنَزَّلَ عليهِ في هذه الخَلْوَةِ من المعاني ما لَمْ يَخْطُرْ لَهُ، و ما يَحْسَبُ أنه بعيدٌ عنه، و عسى أن يُفْتَحَ له في خَلْوَتِهِ طريقٌ في الحياةِ جديدٌ، ويَبِينَ له رأْيٌ في نفسِهِ سديدٌ؛ فيَعْدِلَ عن نَهْجِهِ الأولِ، ويَحِيدَ عن عَيْشَتِهِ الماضيةِ، إِنْ كان شاعرًا أو كاتبًا انْثَالَتْ عليه الأفكارُ، ووَاتَتْهُ الصُّوَرُ، وحَيَا على القلمِ واللسانِ لا يَنْصِبُ له ولا يَتَكَلَّفُ، وأَحْسَبُ أنَّ كثيرًا مِمَّا اخْتَرَعَ الناسُ وكثيرًا ممّا أَبْدَعَ فيه المُفَكِّرُونَ كان مِن بَرَكَةِ هذه الخَلْوَاتِ وإِلْهَامِ في هذه الساعاتِ.

ونحنُ في مَعِيشَتِنَا هذه قَلَّ أنْ نَظْفَرَ بِخَلْوَةٍ نَسْكُنُ إليها ووَقْتٍ نَجْمَعُ فيه أَنْفُسَنَا فنَمْضِيَ مع السَّابِلَةِ، ونقولَ على القائلين في قَلَقٍ واضطرابٍ وصخبٍ: فلْيَلْتَمِسْ كلُّ واحدٍ خَلْوَتَهُ ولْيَبْعُدْ عن الضَّوْضَاءِ جَهْدَهُ، ولْيَتَوَجَّهْ إلى اللهِ المُلْهِمِ الهَادِي، ويُنْصِتُ [هنا قطعٌ واستئنافٌ] إلى ما في سَرِيرَتِهِ، ويَصْرِفُ سمعَهُ وبصرَهُ عن الناسِ قليلاً؛ ليَتَلَقَّى عن رَبِّهِ ويَأْخُذَ عن قلبِهِ؛ فهذه ساعاتٌ أَجْدَى مِنَ السَّنَوَاتِ، هي ساعاتٌ يَهْتَدِي بها الإنسانُ ما لا يَتَهَدَّى [أو: يَهْتَدِي/ الوجهان صحيحان] في طويلِ الزمانِ.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير