تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مُشَاكَلَةُ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى، وَشِدَّةُ اقْتِضَائِهِمَا لِلْقَافِيَةِ.

وقد يكونُ السَّادِسُ جزءًا من الخامسِ وحينها يَصِيرُ البابُ الأخيرُ بَابَيْنِ، ويَتغَيَّرُ ضَبْطُ النَّصِّ تباعًا.

مُلاحظاتٌ واصطلاحاتٌ:

(يَهْجُِنُهُ) أعني بها أنَّني أحسب ضَمَّ وَكَسْرَ الجيم جائزانِ، وكذلك (انْتَقَصَ [انْتُقِصَ]) أعني بها صحَّة الوجهين وعدمَ ثُبُوتِ مُرجِّحٍ لأحدهما عندي.

(مُفْرَدَاتِهِ* وَجُمْلَتِهِ* [جُمَلِهِ؟؟]) جعلتُ النَّجمةَ دلالة على احتمالِ وقوعِ تصحيفٍ، وقد كُتِبتْ الكلمة الأُولى في الأصل هكذا: مفرادته، أمّا الكلمة الثَّانية فلها وجهٌ صالحٌ لكنْ تَلُوحُ عليها أَماراتُ التَّصَحُّفِ عن (جُمَلِهِ) - والله أعلم - ولمْ أَجِدْ وجهًا يصلح لكلمة (الترؤ) ولا فهمتُ معناها إن كان لها معنًى!

وهذا هو النَّصُّ كما ضبطتُهُ وأسأل الله التوفيقَ الأجرَ العظيمَ لي ولكم:

ثُمَّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ المَرْزُوقِيُّ: (إنَّهُمْ كَانُوا يُحَاوِلُونَ شَرَفَ المَعْنَى وَصِحَّتَهُ، وَجَزَالَةَ اللَّفْظِ وَاسْتِقَامَتَهُ، وَالإصَابَةَ فِي الوَصْفِ - وَمِنِ اجْتِمَاعِ هَذِهِ الأَسْبَابِ الثَّلاثَةِ كَثُرَتْ سَوَائِرُ الأَمْثَالِ، وَشَوَارِدُ الأَبْيَاتِ - وَالمُقَارَبَةَ فِي التَّشْبِيهِ، وَالْتِحَامَ أَجْزَاءِ النَّظْمِ وَالْتِئَامَهَا - عَلَى تَخَيُّرٍ مِنْ لَذِيذِ الوَزْنِ -، وَمُنَاسَبَةَ المُسْتَعَارِ مِنَ المُسْتَعَارِ لَهُ، وَمُشَاكَلَةَ اللَّفْظِ لِلْمَعْنَى، وَشِدَّةَ اقْتِضَائِهِمَا لِلْقَافِيَةِ حَتَّى لا مُنَافَرَةَ بَيْنَهُمَا! فَهَذِهِ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ هِيَ عَمُودُ الشِّعْرِ وَلِكُلِّ بَابٍ مِنْهَا مِعْيَارٌ.

فَعِيَارُ المَعْنَى أَنْ يُعْرَضَ عَلَى العَقْلِ الصَّحِيحِ وَالفَهْمِ الثَّاقِبِ فَإذَا انْعَطَفَ عَلَيْهِ جَنْبَتَا القَبُولِ وَالاِصْطِفَاءِ مُسْتَأْنِسًا بِقَرَائِنِهِ خَرَجَ وَافِيًا، وَإلاَّ انْتَقَصَ [انْتُقِصَ] بِمِقَدَارِ شَوْبِهِ وَوَحْشِيَّتِهِ.

وَعِيَارُ اللَّفْظِ الطَّبْعُ وَالرِّوَايَةُ وَالاِسْتِعْمَالُ، فَمَا سَلِمَ مِمَّا يَهْجُِنُهُ عِنْدَ العَرْضِ عَلَيْهَا فَهُوَ المُخْتَارُ المُسْتَقِيمُ، وَهَذَا فِي مُفْرَدَاتِهِ* وَجُمْلَتِهِ* [جُمَلِهِ؟؟] مُرَاعًى لِأَنَّ اللَّفْظَةَ تَسْتَكْرِمُ بِانْفِرَادِهَا، فَإذَا ضَامَّهَا مَا لا يُوَافِقُهَا عَادَتِ الجُمْلَةُ هَجِينًا.

وَعِيَارُ الإصَابَةِ فِي الوَصْفِ الذَّكَاءُ وَحُسْنُ التَّمْيِيزِ، فَمَا وَجَدَاهُ صَادِقًا فِي العُلُوقِ، مُمَازَجًا فِي اللُّصُوقِ، يَتَعَسَّرُ الخُرُوجُ عَنْهُ وَالترؤ* مِنْهُ فَذَاكَ سِيمَا الإصَابَةِ فِيهِ.

وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي زُهَيْرٍ: "كَانَ لا يَمْدَحُ الرَّجُلَ إلاَّ بِمَا يَكُونُ لِلرِّجَالِ"، فَتَأَمَّلْ هَذَا الكَلامَ فَإنَّ تَفْسِيرَهُ مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَعِيَارُ المُقَارَبَةِ فِي التَّشْبِيهِ الفِطْنَةُ وَحُسْنُ التَّقْدِيرِ، فَأَصْدَقُهُ مَا لا يَنْتَقِضُ عِنْدَ العَكْسِ، وَأَحْسَنُهُ مَا أَوْقَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصِّفَاتِ أَكْثَرُ مِنِ انْفِرَادِهِمَا لِيَبِينَ وَجْهُ التَّشْبِيهِ بِلا كُلْفَةٍ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ المَطْلُوبُ مِنَ التَّشْبِيهِ أَشْهَرَ صِفَاتِ المُشَبَّهِ بِهِ وَأَمْلَكَهَا لَهُ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَدُلُّ عَلَى نَفْسِهِ وَيَحْمِيهِ مِنَ الغُمُوضِ وَالاِلْتِبَاسِ)

جزاكم اللهُ خيرًا


بن طاهر
عرض الملف الشخصي العام
إرسال رسالة خاصة إلى بن طاهر
إرسال رسالة بريد إلكتروني إلى بن طاهر
إيجاد جميع المشاركات للعضو بن طاهر

06/ 04/06, 05:50 05:50:15 PM
الفهم الصحيح
عضو مخضرم تاريخ الانضمام: 30/ 04/04
المشاركات: 1,699

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير