تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نعم، حديث أبي سعيد نقره ولا ننكره، ونقبله ولا نرده، ولكنه بين مسلم وكافر؛ لأن هؤلاء كفار وليسوا مسلمين، وإنما حظر إذا كان بين مسلم ومسلم. وأجابوا من وجه آخر فقالوا: إن حديث أبي سعيد رضي الله عنه خرج مخرج المداواة؛ لأن الرقية نوع من العلاج والتداوي، والعلاج والتداوي فيه شبهة الدنيا مع وجود القربة والطاعة، فصار مثل: داء المس، فيمكن أن يقع طاعة ويمكن أن يقع غير طاعة، فوسع فيه أكثر من غيره، فخففوا من حديث أبي سعيد رضي الله عنه من هذا الوجه.

وفي الحقيقة: إذا تأمل المتأمل فإنه سيجد أن دليل من قال بالجواز أصح وأقوى من حيث الإسناد والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فالأشبه والأقوى القول بالجواز، وخاصة إذا كان من بيت المال. وأما مسألة الأذان فيشكل على حديث الأذان حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) فإن هذا الحديث يعارض بحديث أبي محذورة رضي الله عنه وأرضاه، وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما قفل من الطائف بعد قسمه لغنائم حنين بالجعرانة، وجاء أبو محذورة رضي الله عنه وأذن الأذان، قال: فألقى إلي صرة من فضة). فألقى النبي صلى الله عليه وسلم له صرة من فضة، فأخذ على أذانه الأجر، فنقول: الأشبه في قوله (واتخذ مؤذناً لا يتخذ على أذانه أجراً) أي: لا يطلب على أذانه الأجر، أي: أنه يدخل تحت ما قلناه: عند المشارطة يقع الحظر والمنع، ولذلك القول بأنه يجوز هو الأصل، وفي النفس شيء إن كان الرجل يشارط، أعني إذا كان يقول: لا أفعل حتى تعطوني. فهذا في النفس منه شيء. وبناءً على ذلك: فالأشبه الجواز، وخاصة إذا كان من بيت مال المسلمين. وقوى بعض العلماء في هذه المسألة جوانب، قالوا: الأقوى والأشبه الجواز، كأن يكون طالب العلم لا دخل له إلا هذا الذي يأخذه من بيت المال، أو يغلب على ظنه أنه إذا لم يتفرغ للتعليم على هذا الوجه فإنه سيتعرض لذل المسألة، أو يتعرض لأمانات الناس ويضيعها، ولذلك كان الإمام أحمد يفضل التعليم بالمال على نحوه من التكسب الذي فيه تحمل لأمانات الناس وحقوقهم، فلعله ألا يتمكن من ذلك فيضيع حقوقهم. وقال بعض العلماء: ينبغي للإنسان أن يوطن نفسه إذا كان مؤذناً أو إماماً وأخذ الأجر، أن يحرص في الابتداء ألا يأخذ، ويحاول قدر استطاعته ألا يتقبل العطاء، فإذا فرض عليه نوى في قرارة قلبه أنه لو قطع عنه لاستمر في عمله وطاعته، وأن ذلك لا يقطعه عن الخير. قالوا: فلو قيل له: نقطع عنك راتبك الذي تأخذه. فينقطع؛ فحينئذٍ تكون الشبهة فيه قوية؛ لأنه يريد حظ الدنيا، نسأل الله السلامة والعافية. وبناء على ذلك نقول: إن الآيات التي منعت قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ [الفرقان:57] قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ [سبأ:47] إلى غير ذلك من الآيات محمولة على من اشترط وقصد المال وقدم الدنيا على الآخرة. وأما حديث أبي وحديث عبادة بن الصامت فنقول: إنها أحاديث فيها ما فيها من حيث السند، وهي أضعف إسناداً، والقاعدة: أن الضعيف لا يقوى على معارضة ما هو أصح منه. وهناك جواب يختاره بعض مشايخنا رحمة الله عليهم، فيقول: إن أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه ابتدأ تعليم الرجل لوجه الله، ثم جاءه بعد ذلك بقوس هدية، فحينئذٍ من ابتدأ التعليم قاصداً به وجه الله، فجاءته هدية أو جاءه شيء من الدنيا كأنه رغب عن ثواب الله إلى مثوبة العباد، وقال له: (إن أحببت أن يقلدك الله به قوساً من نار) بالانخراط فصرفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأكمل والأحظ، وهو: إرادة ما عند الله عز وجل، فيفرق بين من ابتدأ وهو ينوي الآخرة، ونشأت عليه الدنيا، وبين من يكون في الأصل له حظ الدنيا. وقالوا: النبي صلى الله عليه وسلم رغب في الجهاد مع كونه قربة وطاعة بحظ من الدنيا، وقال: (من قتل قتيلاً فله سلبه) فرغب في الطاعة، فقويت الحمية وقويت الشوكة في ذات الله بحظ من الدنيا، وهذا يدل على أنه إذا أراد حظ الدنيا لم يؤثر. وفي الحقيقة: إذا تأمل المتأمل فإنه سيجد أن دليل من قال بالجواز أصح وأقوى من حيث الإسناد والثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فالأشبه والأقوى القول بالجواز، وخاصة إذا كان من بيت المال. وأما مسألة الأذان فيشكل على حديث الأذان حيث قال النبي صلى الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير