أستودع الله في بغداد لي قمراً
ـ[أبو أحمد محمد شريط الشارفي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 06:15 م]ـ
قصيدة ابن زريق
لا تعذليه فإنّ العذل يوجعُهُ قد قلت حقّاً ولكنْ ليس يسمعُهُ
جاوزتِ في لومه حدَّاً أضرَّ به من حيثُ قدّرتِ أن اللوم ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً من عنفه فهو مُضنى القلب موجعُهُ
قد كان مضطلعاً بالبين يحمله فضُلِّعت بخطوب البيت أضلعُه
يكفيه من لوعة التفنيد أنَّ له من النَّوى كلَّ يومٍ ما يروِّعُهُ
ما آبَ من سفرٍ إلاَّ وأزعجَهُ رأيٌ إلى سفرٍ بالرغم يتبعُهُ
كأنّما هو في حِلٍّ ومُرتحَلٍ موكّلٌ بفضاء الأرض يذرعه
إذا الزماع أراه بالرحيل غنىً ولو إلى السدّ أضحى وهو يزمعه
تأبى المطامع إلاّ أنْ تجشّمه للرزق كدًّا وكم ممّن يودعه
وما مجاهدةُ الإنسان واصلةٌ رزقاً ولا دِعةُ الإنسان تقطعه
والله قسّم بين الناس رزقَهُمُ لم يخلقِ الله مخلوقاً يضيّعه
لكنّهم ملؤوا حرصاً فلست ترى مسترزقاً وسوى الغايات تقنعه
والحرص في المرء والارزاق قد قسمت بغي الا ان بغي المرء يصرعه
والدهرُ يعطي الفتى ما ليس يطلُبُهُ حقّاً ويطعمُهُ من حيث يمنعه
أستودع الله في بغداد لي قمراً بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودّعته وبودّي لو يودّعني طيبُ الحياة وأنيّ لاأودعه
كم قد تشفّع بي أنْ لا أفارقه وللضرورات حالٌ لا تشفِّعه
وكم تشبّث بي يوم الرحيل ضحىً وأدمعي مستهلاتُ وأدمعه
لا أكذبُ الله ثوبُ العذر منخرقٌ عنيّ برقته لكنْ أرقّعه
إنيّ أوسَّع عذري في جنايته بالبين عنه وقلبي لا يوسّعه
أعطيت ملكاً فلم أحسن سياسته كذاك من لا يسوس الملك يخلعُهُ
ومن غدا لابساً ثوب النعيم بلا شكر عليه فإنّ الله ينزعه
اعتضت من وجه خلِّي بعد فرقته كأساً تجرع منها ما أجرعه
كم قائلٍ لي ذنبُ البين قلت له الذنب والله ذنبي لست أدفعه
إلاَّ أقمت مكان الرشد أتبعه لو أنني يوم بان الرشد أجمعه
أن لا أقطّع أياماً وأنفذها بحسرةٍ منه في قلبي تقطّعه
بمن إذا هجع النّوام بتُّ به بلوعةٍ منه ليلي لست أهجعه
لا يطمئن بجنبي مضجعٌ وكذا لا يطمئن له مذْ بنت مضجعه
ما كنت أحسب ريب الدهر يفجعني به ولا أظنُّ بيَ الأيام تفجعه
حتى جرى البين فيما بيننا بيدٍ عسراء تمنعني حظّي وتمنعه
وكنت من ريب دهري جازعاً فرقا فلم أوقّ الذي قد كنت أجزعه
بالله يا منزل الأنس الذي درست آثاره وعفت مذ بنت أربُعُه
هل الزمان معيدٌ فيك لذّتنا أم الليالي التي أمضته ترجعه
في ذمة الله من أصبحت منزله وجاد غيثٌ على مغناك يمرعه
من عِنده ليَ عهدٌ لا يضيع كما عندي له عهدُ ودٍّ لا أضيّعه
ومن يصدّع قلبي ذكره وإذا جرى على قلبه ذكري يصدّعه
لأصبرن لدهرٍ لا يمتّعُني به ولا بيَ في حالٍ يمتّعه
علماً بأن اصطباري معقبٌ فرجاً فأضيق الأمر إن فكّرتُ أوسعه
عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه
وإن تنل أحداً منّا منيته فما الذي بقضاء الله يصنعه
ـ[أبو حاتم يوسف حميتو المالكي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 09:41 م]ـ
الله الله الله، قريض لا يجارى، ولا ينكرعذب هذا النمير إلا من فقد الذوق وتبلد حسه، ولكن كفى بكتاب الله محركا للأفئدة.
ـ[أبو أحمد محمد شريط الشارفي]ــــــــ[19 - 08 - 06, 10:09 م]ـ
أخي الكريم جزاك الله خيرا على مرورك الطيب
ودمت متدبرا لكتاب الله تعالى، متذوقا للسانه العربي المبين
ـ[أبو داود سليمان]ــــــــ[20 - 08 - 06, 04:29 ص]ـ
صدق الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و هو -الصادق المصدوق- ....
((إن من البيان لسحرا)) ...
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 07:27 ص]ـ
قصيدة رائعة، ولكني اتسائل عن سبب اختيار هذه القصيدة بالذات، فلا بد أن يكون للأخ أبي أحمد رأي فيها، فما هو يا ترى؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[20 - 08 - 06, 12:51 م]ـ
أحسنتم.
على هذا الرابط فوائد طيبة حول هذه القصيدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=31935&highlight=%C8%DB%CF%C7%CF+%DE%E3%D1%C7
ـ[أبو أحمد محمد شريط الشارفي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 03:41 م]ـ
أخي الفاضل: شكر الله لك على هذا المرور الطيب
لقد أدرجت هذه القصيدة هنا لتذوق لغة القرآن ولما فيها من حكم بديعة
جزاك الله كل خير
ـ[أبو أحمد محمد شريط الشارفي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 03:43 م]ـ
أخي عصام: بارك الله فيك على هذا الارشاد فقد قرأت الموضوع واستفدت منه كثيرا
جزاك الله خيرا
ـ[أبو أحمد محمد شريط الشارفي]ــــــــ[20 - 08 - 06, 03:43 م]ـ
أخي أبوداود بارك الله فيك على متابعتك الطيبة
جزاك الله كل خير
ـ[أبو ذر الفاضلي]ــــــــ[21 - 08 - 06, 02:03 ص]ـ
نتمنى أن تتحفنا بالمزيد