تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخامس: أن المجاز لا بد فيه من علاقة بينه وبين محل الحقيقة تكون مصححة للتجوز باللفظ على ما سلف بخلاف المشترك.

السادس: أن المجاز لا يتم فهمه دون فهم محل الحقيقة ضرورة كونه مستعاراً منه وفهم كل واحد من مدلولات اللفظ المشترك غير متوقف على فهم غيره فكان أولى.

السابع: أن المجاز متوقف على تصرف من قبلنا في تحقيق العلاقة التي هي شرط في التجوز وربما وقع الخطأ فيه بخلاف اللفظ المشترك.

الثامن: أنه يلزم من العمل باللفظ في جهة المجاز مخالفة الظهور في جهة الحقيقة بخلاف اللفظ المشترك إذ لا يلزم من العمل به في أحد مدلوليه مخالفة ظاهر أصلاً.

التاسع: أن المجاز تابع للحقيقة ولا عكس فكان المشترك أولى.

العاشر: أن السامع للمجاز بتقدير عدم معرفته بالقرينة الصارفة إلى المجاز إذا كان هو مراد المتكلم فقد يبادر إلى العمل بالحقيقة ويلزم منه ترك المراد وفعل ما ليس بمراد بخلاف المشترك فإنه بتقدير عدم ظهور القرينة مطلقاً لا يفعل شيئاً فلا يلزم سوى عدم المقصود.

فإن قيل: إلا أن المجاز يتعلق به فوائد فإنه ربما كان أبلغ وأوجز وأوقف في بديع الكلام ونظمه ونثره للسجع والمطابقة والمجانسة واتحاد الروي في الشعر إلى غير ذلك.

قلنا: ومثل هذا الاحتمال أيضاً منقدح في اللفظ المشترك مع كونه حقيقة فكان اللفظ المشترك أولى وإن لم يكن أولى فلا أقل من المساواة وهي كافية في مقام المعارضة.

وأما الحجة الثانية: فلا نسلم امتناع إطلاق الأمر على الأكل والشرب وإن سلم ذلك فعدم اطراده في كل وقت مما يمنع من كونه حقيقة في القول المخصوص وهو غير مطرد في كل قول على ما لا يخفى وإن كان لا يمنع من ذلك في القول فكذلك في الفعل.

فإن قيل: إنما يجب اطراد الاسم في المعنى الذي كان الاسم حقيقة فيه لا في غيره والأمر إنما كان حقيقة في القول المخصوص لا في مطلق قول وذلك مطرد في ذلك القول فمثله لازم في الأفعال إذ للخصم أن يقول: إنما هو حقيقة في بعض الأفعال لا في كل فعل.

أما الحجة الثالثة: أنه لو كان الأصل في الحقائق الاشتقاق لكان المنع من اشتقاق اسم القارورة للجرة والكوز من قرار المائع فيها على خلاف الأصل.

فإن قيل: ولو لم يكن على وفق الأصل لكان الاشتقاق في صور الاشتقاق على خلاف الأصل والمحذور اللازم منه أكثر لأن صور الاشتقاق أغلب وأكثر من صور عدم الاشتقاق قيل: لا يلزم من عدم الأصالة في الاشتقاق أن يكون الاشتقاق على خلاف الأصل لجواز أن يكون الاشتقاق وعدمه لا على وفق أصل فيقتضيه بل هما تابعان للنقل والوضع.

كيف وإنه إذا جاز أن يكون الاشتقاق من توابع الحقيقة جاز أن يكون من توابع بعض المسميات وليس أحد الأمرين أولى من الآخر وعلى هذا فلا يلزم من الاشتقاق في بعض المسميات الاشتقاق في غيره لعدم الاشتراك في ذلك المسمى.

وبهذا يندفع ما ذكروه من الحجة الرابعة والخامسة والسادسة. كيف وقد قيل في الحجة الرابعة: إن أوامر ليست جمع أمر بل جمع إمرة.

وأما القائلون بكونه مشتركاً بين القول المخصوص والفعل فقد احتجوا بثلاث حجج:

الأولى: أن المسمى في نفسه مختلف وكما قد أطلق اسم الأمر على القول المخصوص فقد أطلق على الفعل والأصل في الإطلاق الحقيقة ويدل على الإطلاق قول العرب: أمر فلان بكذا مستقيم أي عمله وإليه الإشارة بقوله تعالى: " وما أمرنا إلا واحدة " " القمر 50 " أي فعلنا " وما أمر فرعون برشيد " " هود 97 ".

الحجة الثانية: أن اسم الأمر في الفعل قد جمع بأمور والجمع علامة الحقيقة.

والحجة الثالثة: أنه لو كان اسم الأمر في الفعل مجازاً لم يخل إما أن يكون مجازاً بالزيادة أو بالنقصان أو لمشابهته لمحل الحقيقة أو لمجاوز له أو لأنه كان عليه أو سيؤول إليه ولم يتحقق شيء من ذلك في الفعل وإذا لم يكن مجازاً كان حقيقة وهذه الحجج ضعيفة أيضاً.

أما الحجة الأولى: فلقائل أن يقول لا نسلم صحة إطلاق اسم الأمر على الفعل وقولهم أمر فلان مستقيم ليس مسماه الفعل بل شأنه وصفته وهو المراد من قوله تعالى: " وما أمرنا إلا واحدة " " القمر 50 " ومن قوله: " وما أمر فرعون برشيد " " هود 97 ".

وأما الحجة الثانية: فلا نسلم أن الجمع دليل الحقيقة بدليل قولهم في جمع من سمي حماراً لبلادته حمر وهو مجاز وإن سلمنا بأن الجمع يدل على الحقيقة ولكن لا نسلم أن أمور جمع أمر بل الأمر والأمور كل واحد منهما يقع موقع الآخر وليس أحدهما جمعاً للآخر ولهذا يقال: أمر فلان مستقيم فيفهم منه ما يفهم من قولهم: أمور فلان مستقيمة.

وأما الحجة الثالثة: فهو أنه لا يلزم من كون الأمر ليس مجازاً في الفعل أن يكون حقيقة فيه من حيث هو فعل وإنما هو حقيقة فيه من جهة ما اشتمل عليه من معنى الشأن والصفة كما سبق.

وعلى هذا فالمختار إنما هو كون الاسم اسم الأمر متواطئاً في القول المخصوص والفعل لا أنه مشترك ولا مجاز في أحدهما)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير