والمطلوب، كثرة الدعاء بالخيرة، فإن الله يعلم، ولا نعلم، ويقدر ولا نقدر ن وهو علام الغيوب. وقد قال النبي ? " من سعادة ابن آدم استخارته الله، ورضاه بما يقسم الله له، ومن شقاوة ابن آدم. ترك استخارته، و سخطه بما يقسم الله له " والتاجر يكون مسافراً فيخاف ضياع بعض ماله، فيحتاج أن يقيم حتى يستوفيه. وما نحن فيه أمر يجل عن الوصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والسلام عليكم، ورحمة الله وبركاته، كثيراً، كثيراً. وعلى سائر من في البيت من الكبار و الصغار، و سائر الجيران، والأهل والأصحاب واحداً، واحداً.
والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما.
****
كتاب آخر للشيخ بعثه من مصر إلى دمشق
ومنها كتاب، قال فيه: بعد حمد الله تعالى، والصلاة على نبيه ?.
أما بعد: فإن الله - وله الحمد - قد أنعم علي من نعمه العظيمة ومنته الجسيمة، وآلائه الكريمة، ما هو مستوجب لعظيم الشكر، و الثبات على الطاعة، واعتياد حسن الصبر، على فعل المأمور. و العبد مأمور بالصبر في السراء أعظم من الصبر في الضراء قال تعالى:
? ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور. ولئن أذقنا نعماء بعد ضراء مسته ليقولن: ذهب السيئات عني، إنه لفرح فخور. أي الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ? ()
وتعلمون، أن الله سبحانه من في هذه القضية من المنن التي فيها من أسباب نصر دينه. وعلو كلمته، ونصر جنده، وعزة أوليائه، وقوة أهل السنة والجماعة، وذل أهل البدعة والفرقة، وتقرير ما قرر عندكم من السنة، وزيادات على ذلك بانفتاح أبواب من الهدى والنصر، والدلائل، وظهور الحق. لأمم لا يحصى عددهم إلا الله تعالى، وإقبال الخلائق إلى سبيل السنة والجماعة، وغير ذلك من المنن، ما لا بد معه من عظيم الشكر، ومن الصبر، وإن كان صبراً في سراء.
وتعلمون أن من القواعد العظيمة، التي هي من جماع الدين: تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، وصلاح ذات البين، فإن الله تعالى يقول:
? فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم ? ()
ويقول:
? واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ? () ويقول:
? ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ? ().
وأمثال ذلك من النصوص التي تأمر بالجماعة والائتلاف، وتنهى عن الفرقة والاختلاف.
وأهل هذا الأصل: هم أهل الجماعة، كما أن الخارجين عنه، هم أهل الفرقة.
وجماع السنة: طاعة الرسول. ولهذا قال النبي ? في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة:
" إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا،، وأن تناصحوا من ولاه الله أموركم ".
وفي السنن من حديث زيد بن ثابت وابن مسعود - فقيهي الصحابة - عن النبي ? أنه قال:
" نضر الله أمراً سمع هنا حديثاً فبلغه إلى من لم يسمعه، فرب حامل فقه غير فيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة المر. ولزوم جماعة المسلمين، فإن دعوتهم تحيط من وراءهم ".
وقوله " لا يغل " أي لا يحقد عليهن. فلا يبغض هذه الخصال قلب المسلم، بل يحبهن، ويرضاهن.
وأول ما أبدأ به من هذا الأصل: ما يتعلق بي، فتعلمون - رضي الله عنكم - أني لا أحب أن يؤذي أحد من عموم المسلمين - فضلا عن أصحابنا - بشيء أصلا، لا باطناً ولا ظاهراً، ولا عندي عتب على أحد منهم. ولا لوم أصلا، بل لهم عندي من الكرامة، والإجلال و المحبة، والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان، كل بحسبه، ولا يخلو الرجل. إما أن يكون مجتهداً مصيباً، أو مخطئاً، أو مذنباً، فالأول: مأجور مشكور. والثاني مع أجره على الاجتهاد: فمعفو عنه، مغفور له. و الثالث: فالله يغفر لنا وله، ولسائر المؤمنين.
فنطوي بساط الكلام المخالف لهذا الأصل.
كقول القائل: فلان قصر، فلان ما عمل، فلان أوذي الشيخ بسببه، فلان كان سبب هذه القضية، فلان كان يتكلم في كيد فلان. و نحو هذه الكلمات، التي فيها مذمة لبعض الأصحاب، والإخوان. فإني لا أسامح من آذاهم، من هذا الباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله
¥