ولذلك، كان لا داعي إلى كل هذا الجدال حول مسألة بسيطة، فالرفع والنصب واردان بالفهم والتقدير واستقامة المعنى، بغض النظر عما قاله النحوي الفلاني أو النحوي الفلاني، وهكذا نتجنب إهدار مزيد من الوقت الثمين والجهد في أشياء غاية في البساطة. وهناك أمور أخرى يمكن أن يتوجه إليها اهتمام أساتذتنا المحترمين، ويوظفوا فيها كفاياتهم العلمية والثقافية والمنهجية، وفي مقدمة تلك الأمور ـ في نظري المتواضع ـ البحث في كيفية تطوير الدرس اللغوي العربي وتبسيطه للمتعلمين.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 - 05 - 10, 07:57 م]ـ
وهناك أمور أخرى يمكن أن يتوجه إليها اهتمام المثقفين، وفي مقدمتها ـ في نظري المتواضع ـ البحث في كيفية تطوير الدرس اللغوي العربي وتبسيطه للمتعلمين.
هذا التطوير و (التبسيط) قد كثر الكلام فيه لدرجة لا تطاق، وكثر الخلاف والجدل فيه أيضا؛ لأنه مبني على اجتهادات من غير أهل الاجتهاد في الغالب، أو على اقتراحات اصطلاحية لا تقدم ولا تؤخر.
ومشكلتنا في هذا العصر أن كثيرا من الناس يبحثون في كيفية هذا التطوير للعلوم، وفي الإتيان بالجديد، أما التبحر في تحصيل هذه العلوم ومحاولة الوصول إلى درجة أئمة الاستقراء فلا يكاد يوجد، وإن وجد ففي أكثره دعاوى عريضة.
والسبب في هذا ما قاله العلامة أبو الحسن الماوردي:
(وقلما تجد بالعلم معجبا وبما أدرك مفتخرا إلا من كان فيه مقلا ومقصرا؛ لأنه قد يجهل قدره ويحسب أنه قد نال بالدخول فيه أكثره، فأما من كان فيه متوجها ومنه مستكثرا فهو يعلم من بعد غايته والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به)
فالمقصود أنه لا يستطيع الكلام في المسائل الكبار إلا من أتقن ألوف المسائل الصغار، وهذه هي نقطة الخلاف الأساسية بين علمائنا المتقدمين وباحثينا المعاصرين.
ثم إن التوسع في بعض المسائل الجزئية ليس عيبا؛ فقد أثر عن الخليل بن أحمد قوله: لن تدرك من هذا العلم ما تحتاج إليه إلا بطلب ما لا تحتاج إليه، وأثر عن الإمام الشافعي قوله: إذا طلبت العلم فدقق؛ حتى لا يضيع دقيق العلم.
وإنما العيب هو تخطي مراتب الطلب المعروفة والقفز على أكتاف العلماء.
وكل ميسر لما خلق له؛ فهذا يتوسع في اللغة، وذاك في الفقه، وذلك في الحديث، وهكذا.
ولا يستطيع طالب العلم فصل مسائل العلم المهمة عن المسائل غير المهمة؛ بل إن تحديد المهم من غير المهم أصلا لا يستطيعه إلا كبار العلماء، وكم من شيء كان يُظن غيرَ مهم ثم اتضحت أهميته، وكم من شيء كان يظن غايةً في الأهمية ثم ظهرت تفاهته.
ـ[إبراهيم عيشو]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:35 ص]ـ
أصبت وأحسنت يا أبا مالك، بارك الله فيك وفي علمك وتحلّيك بأخلاق العلماء الكبار.
ـ[أبو معاذ باوزير]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:53 ص]ـ
وكم من شيء كان يُظن غيرَ مهم ثم اتضحت أهميته، وكم من شيء كان يظن غايةً في الأهمية ثم ظهرت تفاهته.
صدقتم أخي المفضالَ أبا مالك, هو كما قلتم وقد لا حظنا ذلك, والواقع أكبر شاهد على ما ذكرتم, فجزاكم الله عنا خيرا وأجزل لكم المثوبة ورفع قدركم, وأرجو أن تسامحونا فقد قل أدبنا في أحد المشاركات, ولم تكن والله مقصودة, لكن تمر بالإنسان بعضَ الأحيان ظروفٌ تجعله لا يطيق نفسه فضلا عن الآخرين, فأرجو أن تقبلوا عذرنا وأن تحللونا, وألا يبقى في قلبكم شيء علينا, فالحق لكم, وإنما نحن المتطفلون عليكم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتحابين في جلاله وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة .. آمين .. .
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:10 م]ـ
أصبت وأحسنت يا أبا مالك، بارك الله فيك وفي علمك وتحلّيك بأخلاق العلماء الكبار.
آمين وإياك يا أخي الكريم
وأحب أن أضيف أيضا أنني لا أتعمد البحث والتفتيش وتضييع الوقت في مثل هذه المسألة، وإنما أقف على هذه الفوائد عرضا في أثناء المطالعة، فأضيفها هنا من باب ضم النظير إلى نظيره.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 01:11 م]ـ
صدقتم أخي المفضالَ أبا مالك, هو كما قلتم وقد لا حظنا ذلك, والواقع أكبر شاهد على ما ذكرتم, فجزاكم الله عنا خيرا وأجزل لكم المثوبة ورفع قدركم, وأرجو أن تسامحونا فقد قل أدبنا في أحد المشاركات, ولم تكن والله مقصودة, لكن تمر بالإنسان بعضَ الأحيان ظروفٌ تجعله لا يطيق نفسه فضلا عن الآخرين, فأرجو أن تقبلوا عذرنا وأن تحللونا, وألا يبقى في قلبكم شيء علينا, فالحق لكم, وإنما نحن المتطفلون عليكم.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتحابين في جلاله وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة .. آمين .. .
آمين وإياكم يا أخي الكريم، وهذا من تواضعكم بارك الله فيكم.