تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

["معن الحليم " مسرحية من فصل واحد.]

ـ[محمد المبارك]ــــــــ[03 - 10 - 06, 01:55 ص]ـ

معن الحليم مسرحية من فصل واحد

هذه المسرحية مقتبسة من قصة واقعية حدثت للقائد الشهير معن بن زائدة الشيباني البكري في عهد الخليفة المنصور العباسي

المشهد الأول

في سوق بلدة (واسط) جلس سعيد الإسكافي و صالح البزاز يتحدثان على عادتهما ...

سعيد: هيه يا صالح .. أ تَرَى ذلك الأعرابي الذي يتكأ على عصا غليظة، إنه من أعراب الكوفة.

صالح: وما أدرا ك ياسعيد؟

سعيد: قد عشت في الكوفة زمنا فأعر ف لباسهم.

صالح: لا، بل هو من البصرة، ألا تسمع جلبته وصياحه، هكذا أهل البصرة أعرفهم جيدا،

سعيد: حسنا، فلنتراهن إذن.

صالح: لا، لا، هو من البصرة ولا نتراهن.

سعيد: ولم لا تراهني ما دمت متأكدا؟

صالح: لا، لا أراهنك، أنت رجل محظوظ فلا آمن أن يكون قد عاش في الكوفة برهةً من الدهر لحُسن طالعك، فاعتاد ملبسَهم.

سعيد: أنت تتلكأ، أنا أتكلم عن مولده ونشأته، و ليس عن البلاد التي أقام فيها، فلا تتهرب.

صالح: لا لا لا، لا أراهنك أبدا ما حييت، لقد كد ت أن افلس ويُحجَرُ علي من كثرة ما تغلبني في الرهان ثم إني سألت الشيخ عبد الصمد إمام المسجد فأخبرني أن الرهان حرام،

سعيد: ماذا تقصد، الن تراهنني بعد اليوم،

صالح: نعم، أرجو ذلك.

سعيد: إذن سأبحث عن مغفل غيرك، فأنا أتكسب من الرهان أكثر من الدُّ كان.

صالح: ابحث ما بدا لك لكن بعيدا عني.

سعيد: نعم سأبحث، ولكني سأفتقدك يا صاحبي فلو بحثت الدهر فلن أجد أكثر تغفيلا منك.

صالح: أعلم ذلك، ولكن إذا تركت مراهنتك ذهب عني ماتذكر.

سعيد: ولم لا يكون هذا الأعرابي الجلف؟

صالح: يكو ن ماذا؟

سعيد: يكون الضحية الجديدة.

صالح: أ ظن أنك انتقلت إلى زمرة المغفلين ياسعيد، أتراهن الأعرابي عن مكان نشأته؟

سعيد: لا لا، اصبر قليلا ....

........... ثم يقوم سعيد إلى الأعرابي ويتلقاه بالبشاشة والترحيب

سعيد: أهلا وسهلا بك ياأعرابي، إلى أين تريد؟

الأعرابي: أريد الأمير معن بن زائدة، فقد سمعت عن جوده وكرمه الشيء الكثير.

سعيد: و كم ترجو أن يعطيك؟

الأعرابي: مئتا درهم، وإن أعطاني مئة درهم فخيرٌ وبركة،

سعيد: وما تقول في من يعطيك عشرا من الإبل؟

الأعرابي: عشرا من الإ بل؟

سعيد: نعم وأشهد أهل السوق على ذلك، ولكن لي شرط.

الأعرابي: وما شرطك.

سعيد: أن تغضب الأمير حتى يطردك من مجلسه.

الأعرابي: هين موجود، فإن لم يغضب؟

سعيد: آخُذ بعيرك هذا.

الأعرابي: اتفقنا فأحضر الشهود.

سعيد: تعال يا صالح. فقد وجدت من يحل مكانك، تعال فاشهد.

يأتي صالح ليشهد ثم يلتفت إلى سعيد قائلا:

قاتلك الله ماأوسع حيلتك، أنت تعلم أن أميرنا معناً لا يغضب أبدا.

سعيد: نعم أعلم ذلك، ولذلك راهنت الأعرابي، و إذا لم يغضب الأ مير فسآخذ البعير.

المشهد الثاني

في مجلس الأمير ...

يدخل رجل فيسلم على الأمير قائلا: السلام عليك أيها الأمير، فيرد الأمير عليه السلام.

يدخل الأعرابي فيسلم على الجميع ثم يجلس.

يلتفت إليه أحد الحضور فيقول: ولِمَ لَمْ تسلِّم على الأمير بتحية الأمارة.

فيقول الأعرابي:

ولست مسلما مادمت حيا على معنٍ بتسليم الأمير

معن: إن سلمت رددنا السلام، وإن لم تسلم لم نعاتبك.

الأعرابي:

أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير

معن: أذكر ذلك ولا أنساه.

الأعرابي:

وفي يمناك عكاز قوي تهش بها الكلا بَ عن الهرير

معن: نعم أذكر ذلك، وبودي لو عادت تلك الأيام بكل ما أملك، فهي أيام الصبا والشباب.

الأعرابي:

فسبحان الذي أعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير

معن: سبحانه، ما أعظم شأنه.

الأعرابي:

سأرحل عن بلاد أنت فيها وإن جار الزمان على الفقير

معن: إن بقيت فعلى الرحب والسعة، وإن رحلت فصحبتك السلامة.

الأعرابي:

فجد لي يا ابن ناقصة بشيء فإني قد عزمت على المسير

معن: أعطوه مائة دينار.

الأعرابي:

قليل ما أتيت به وإني لأطمع منك بالمال الكثير

معن: أعطوه مائة دينار أخرى.

الأعرابي:

سألت الله أن يبقيك ذ خرا فما لك في البرية من نظير

معن: أعطيناه على هجائنا مائتي دينار، فأعطوه مِثليها على مدحِه لنا، ولكن اصدُقني القول

يا أعرابي، هل راهنت أحدا على أن تغضبني.

الأعرابي: نعم راهنت إسكافيا في السوق فجعل لي عشرة من الإبل على أن أغضبك.

معن: ثكلتك أمك يا أعرابي، والله ما غضبت مذ سمعت قول الله عز وجل:

{والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.

وقوله تعالى: {خذ العفو و أمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}

أما تعلم أن الرهان لا يجوز يا أعرابي.

الأعرابي: أيها الأمير أنا رجل أعرابي جاهل لا علم لي بمثل ذلك.

معن: أيها الوزير خذ الأعرابي فأعطه عشرة من الإبل فإنه كان يؤمِّلُها من الرهان، وأحضر الإسكافي لينال عقابه جزاء اجترائه على ماحرم الله.

الأعرابي جزاك الله خيرا وأكثر أمثالك في الناس فاسمع مني هذين البيتين:

لعمرك ما الرزية فقد شاة ولا فرسٌ يموت ولا بعِيرُ

ولكن الرزية فقد حرٍّ يموت بموته خلق كثير

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير