[ابن عبدالبر يحامي عن إسماعيل بن القاسم أبي العتاهية]
ـ[عبدالكريم الشهري]ــــــــ[06 - 10 - 06, 02:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قال الحافظ ابن عبدالبر في باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض من كتاب العلم _ وهو باب نفيس أنصح إخواني بالنظر فيه _:
وروينا أن منصور بن عمار قص يوما على الناس وأبو العتاهية حاضر فقال:
"إنما سرق منصور هذا الكلام من رجل كوفي"
فبلغ منصورا فقال:
"أبو العتاهية زنديق أما ترونه لا يذكر في شعره الجنة ولا النار وإنما يذكر الموت فقط"
فبلغ ذلك ابا العتاهية فقال فيه:
يا واعظ الناس قد أصبحت متهما
إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها
كالملبس الثوب من عري وعورته
للناس بادية ما إن يواريها
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه
في كل نفس عماها عن مساويها
عرفانها بعيوب الناس تبصرها
منهم ولا تبصر العيب الذي فيها
فلم تمض الا أيام يسيرة حتى مات منصور بن عمار فوقف أبو العتاهية على قبره وقال:
"يغفر الله لك يا أبا السري ما كنت رميتني به".
قال أبو عمر:تدبرت شعر ابي العتاهية عند جمعي له فوجدت فيه ذكر البعث والمجازاة والثواب والعقاب. اه
وكما ذكر ابن عبدالبر فقد جمع شعره وذكر شيئا من أخباره في كتاب له قال فيه:
"وكانت طبقته الأولى تعيبه حسدا له وبغضا حتى قالوا إنه لا يؤمن بالبعث وإنه زنديق وإن شعره ومواعظه إنما هي في ذكر الموت.
وقد بان في شعره لمن طالعه وعني به كذبهم وافتراءهم لما فيه من ذكر التوحيد والإقرار والجنة والنار والوعد والوعيد"
ثم انه عاب على ابن قتيبة إطلاقه القول في رمي أبي العتاهية بالزندقة دون أن يحرر ذلك فقال:
"ولقد عجبت من أبي محمد بن قتيبة عفا الله تعالى عنه كيف جاز عليه ما نسبه أهل الفسق اليه حسدا له ولم يتدبر أشعاره في التوحيد والإقرار بالوعد والوعيد والمواعظ التي لا يفطن لها إلا التائب السليم القلب
ولعله قد مال الى قول منصور بن عمار الواعظ فيه
وهو خبر قد ذكرته في باب قول العلماء بعضهم في بعض من كتاب العلم".
وكتاب ابي عمر هذا قد اعتمده الدكتور شكري فيصل في اخراج كتابه:ابو العتاهية أشعاره وأخباره
وكلامه فيه صفحة 37
وقول أ بي العتاهية:
وأعظم الإثم بعد الشرك نعلمه
في كل نفس عماها عن مساويها
يفتقر الى الدليل والنصوص الوارده في هذا الباب تخالفه وبالله التوفيق.
ـ[عبدالكريم الشهري]ــــــــ[09 - 11 - 06, 05:19 م]ـ
ويقودني الحديث الى ذكر صالح بن عبدالقدوس فهو ممن شهر بالزندقه وحكوا انه قتل فيها ولم ار من حكى موته بغير ذلك.
وقيل انه كان فيلسوفا متكلما وينافح عنهم وانه كان بينه وبين ابي الهذيل العلاف جدال ومناظرات.
واما شعره ففيه كثير على خلاف ما رمي به.
قال ابن عدي: كان يعظ في البصرة ويقص.
وقال ابن المعتز في طبقاته: اما الرجل فله في الزهد في الدنيا والترغيب في الجنة والحث على طاعة الله عز وجل والامر بمحاسن الاخلاق وذكرالموت والقبر ما ليس لاحد.
وقال:حدثني احمد بن ابراهيم المعبر قال: رايت صالح بن عبدالقدوس في المنام ضاحكا مستبشرا فقلت له: ما فعل الله بك؟ وكيف نجوت مما كنت فيه؟
فقال: اني وردت على رب لا تخفى عليه خافية فاستقبلني برجمته وقال: قد علمت براءتك مما كنت ترمى به وترمى باعتقاده.
وقال الخطيب في تاريخه: بلغني عن عبدالله بن المعتز قال حدثني احمد بن عبدالرحمن المعبر فذكره بنحوه.
وقد الف عبدالله الخطيب كتابا عن صالح بن عبدالقدوس ودافع عنه فيما رمي به من الزندقة لكن دفاعه ليس بالمتين
وزعم في كتابه ان صالح بن عبدالقدوس هو صالح بن جناح اللخمي الشاعر ولم ار له سلفا فيه.
واختم بذكر شيء من مستجاد شعره.
قال ابن المعتز: فمما يستحسن له قوله:
تأوبني هم فبت أخاطبه .................... وبت أراعي النجم ثم أراقبه
لما رابني من ريب دهر أضرني ........... فأنيابه يبرينني ومخالبه
وأسهرني طول التفكر انني ............... عجبت لدهر ما تقضى عجائبه
أرى عاجزا يدعى جليدا لغشمه ......... ولو كلف التقوى لقلت مضاربه
وعفا يسمى عاجزا لعفافه ................ ولولا التقى ما اعجزته مذاهبه
وأحمق مصنوعا له في اموره ............. يسوده اخوانه واقاربه
على غير حزم في الامور ولا تقى ....... ولا نائل جزل تعد مواهبه
وليس بعجز المرء أخطاؤه الغنى ......... ولا باحتيال أدرك المال كاسبه
ولكنه قبض الإله وبسطه .................. فلا ذا يجاريه ولا ذا يغالبه
اذا كمل الرحمن للمرء هقله ............. فقد كملت أخلاقه ومناقبه
قال ابن المعتز: فيا عجبا كيف يمكن ان يقول زنديق مثل هذا القول؟! وكيف يكون قائله زنديقا؟!.
ومن مستحسنات قصائده القافية ذكرها الخطيب في ترجمته من تاريخه
ويقال ان سبب قتله مع ما نسب اليه من الزندقه قوله في سينيته:
والشيخ لا يترك اخلاقه ...... حتى يوارى في ثرى رمسه
اذا ارعوى عاد الى جهله ... كذي الضنى عاد الى نكسه
في قصة له مع المهدي فلتنظر في مظانها وبالله التوفيق
¥